روايه كما تدين تدان
هبط من سيارته وصعد للطابق الثالث حيث توجد الشقة التي يجتمعون بها جميعاُ..
دق الجرس ففتحت له الباب "كاميليا" وما ان دخل حتي قام "أدهم " بجذبه من ياقة قميصه وهو علي وشك الفتك به قائلاً :
ـ أقسم بالله لو م قولت وديتها فين لأقتلك انت فاهم !
قام بنفض يده عن قميصه وهو يقول بحدة :
ـ أفهم كويس انت بتقول ايه ...وبعدين حط في دماغك انك عمرك م هتخاف عليها اكتر مني ولا انت مش واخد بالك ان انا جوزها وانت ولا حاجة ؟!
ـ هو ميقصدش حاجة يا عمر هو بس خاېف عليها ومش مستوعب انها اختفت وهي زي اخته برضه
نظر له عمر بسخرية وهو يقول :
ـ أه بأمارة انها كانت خطيبته صح !!
ـ بقولك ايه انت هتستعبطلي فيها ...كلنا عارفين المشاكل الي كانت بينكو كويس..وبعدين اقنعني اشمعنا تختفي قبل طلاقكو بيوم واحد ! ...كان ذلك حديث ادهم الذي قاله پغضب موجه الي "عمر"
قال "عصام" بنبرة مرتفعة پغضب شديد:
ـ أنت الي لازم تفهم كويس ان انت الي ملكش حق فيها وطول م انا عايش عمر م حد هيقدر يأذيها ... "شغف" بعد مۏت ابوها وامها بقت بنتي وعمري م هقبل انها تعيش مع واحد زيك تاني هي بس ترجع وانسي انك تشوف شعرة منها ..واتفضل يلا من غير مطرود ...
ـ اعرف انت و ابنك ده انكوا هتدفعوا تمن الكلام ده غالي اووي ..ثم تركهم وذهب
هوي "عصام" علي الكرسي المقابل له وهو يتحسس صدره لشعوره بأختناق فيه ..اقترب الجميع منه وناولته زوجته "كاميليا" كوب من الماء ثم قال بوهن : حاسس اني هيجرالي حاجة لو مرجعتش ..طاب لما أقابل ابوها وامها اقولهم ايه ؟! معرفتش اخلي بالي منها !!
نظر له والده نظرة لوم كانت كسهام لقلبه الملكوم وكأن نظراته تقول " انت من فعلت بها وبنفسك هذا لانانيتك وغبائك " لكم كان يود الصړاخ والبكاء وقتها وما زاد رغبته نظرات والده
ـ إن شاء الله هترجع متخافوش هي تعرف ربنا وربنا مش هيسيبها وعمرنا م هنسيبها للحيوان ده تاني وهتيجي تعيش معانا هنا ...كان كل هذا امام انظار "سالي" و"يارا" اللتان لم تتحدثا البتة وكل منهما لسبب مختلف عن الاخري ...سالي لغيرتها وڠضبها من قلق زوجها علي خطيبته القديمة او لنقل حبيبته ...فهي قد أكتشفت انه لازال يحبها من تصرفاته ومن مناداته لها بأسمها أكثر من مرة دون ان يدري حتي ...والأخري "يارا" بسبب شعور قاټل بتأنيب الضمير علي فعلتها الشنيعة ولكن شيطانها انتصر بالنهاية وصمتت ...
وبعد ان هبط من عندهم ذهب لمركز الشرطة كي يسأل عن اي معلومات جديدة عنها ولكن كانت اجابة الضابط المتوقعة :
ـ لا يا عمر بيه احنا والله شايفين شغلنا وبندور في كل حتة وفي كل سجلات المستشفيات والاقسام والمطارات بس مفيش اي معلومات عن زوجة حضرتك بس متقلقش بأذن الله هترجع احنا مش هنقصر ابداٌ في البحث عنها ..
ـ وانا واثق في ده بس ارجوك اي معلومة جديدة توصلك ولو كانت صغيرة تبلغني فوراُ...قالها ثم ترك القسم ذاهباُ لشركته ليباشر اعماله المتأخرة...بعد ان خرج قام الضابط "كريم" بأجراء مكالمة تليفونية لصديقه "أدهم" !
ـ لسه ماشي من عندي دلوقتي كان جاي يسأل ان كنا وصلنا لمعلومات جديدة عنها ولا لسه
قال أدهم پغضب شديد :
ـ عامل نفسه انه الملاك البرئ ..طيب وصلت لحاجة من مراقبته طيب ؟!
ـ لا ...بيبقي خط سيره عادي البيت و الشركة ومطاعم او كافيهات او فنادق بس غير كده مبيبقاش في اي حاجة مريبة وكمان تليفونه مراقبينه وطبيعي جداُ برضه
ضحك بسخرية وهو يقول :
ـ وانت متخيل ان ده ممكن تمسك عليه حاجة ! اكيد واخد احتياطاته كويس اوي !!
ـ ابعد عنه يا صاحبي انت مش حمله طريقه كل شوك وفي لحظة ممكن يوديك ورا الشمس لو عرف انك بتدور وراه ...ده عمر حداد مش اي حد
قال بحدة وصوت مرتفع : عمر حداد علي نفسه مش عليا وان كانت البلد كلها عملاله الف حساب انا مش زيهم ولو حابب متساعدنيش خلاص انا هعرف اجيبها بمعرفتي !!
ـ مش قصدي والله يا بني انت اخويا وعشرة عمري انا بس خاېف عليك ...هدي نفسك بس وربنا ان شاء الله هيرجعها وهتكون ليك ...
قال بصوت مليئ بالحسړة :
ـ ولو حتي متكونش ليا انا اصلاً مستهالهاش بس ترجع بس ...
..............................................
عاد لقصره بعد انهاء عمله وتناول عشائه وحيداُ بعدما تركته ثم قام وبدل ملابسه بمعطف قطني وسروال من الجينز ثم خرج من المنزل من الباب الخلفي بعدما اخفي وجهه بالقبعة ومشي قليلا حتي وجد سيارة كان يركنها بعيداُ عن المنزل كي لا يعلم احد بأنتمائها له ...قاد سيارته بسرعة وأثناء سيره جائه اتصال ..تأفف قليلا ثم قام بالرد وهو يقول بعصبية :
ـ عايزة ايه ؟!
ضحكت بخلاعة وهي تقول : هكون عايزة ايه يعني عايزة باقي الفلوس الي اتفقنا عليها ..
تضجر منها ثم قال : هتلاقيهم مرميين في حسابك بكره بس أهم حاجة اي معلومة جديدة عن الزفت جوزك ده توصلني فاهمة !
واغلق بوجهها قبل ان يسمع ردها ...
أكمل طريقه حتي وصل لمنزل في مكان اشبه بالصحراء من المنازل الحديثة والذي بناه منذ زمن كي يكون مكاناُ يرتاح فيه من العالم وما فيه ...وما ان فتح الباب حتي وجدها تجلس في حديقة المنزل والتي قام بتأمينها جيداً ووضع أسوار عالية عليها كي لا تتمكن من الهرب ...أعاد غلق الباب من الداخل بأحكام ثم اقترب منها وقام باحتضانها من الخلف بقوة ...نظرت له هي بأشمئزاز وهي تقول :
ـ أبعد عني ومتخليش أيدك القڈرة دي تلمسني انت فاهم !!
تنفس بعمق كي لا يذيقها ويلات غضبه الان وهو يقول :
ـ انا هعدي الكلام ده واعذرك عشان لسه مخدتيش علي الوضع الجديد ده لسه يا ملكتي بس مش هسكت علي الي بتعمليه ده كتير ..ثم اقترب وامسك بذقنها وقربها منه قائلاُ :
ـ وحشتيني يا ملكتي
نفضت يده عنها بقوة وهي تقول بصړاخ :
ـ انت مچنون! انا مش طايقاك ولا طايقة العيشة معاك يا أخي طلقني وأفضي للقرف الي في حياتك وسبني اعيش بقي انا تعبت
ضحك من كلامها ثم جذبها من شعرها بقوة قائلاُ:
ـ اسيبك تعيشي حياتك اه !! اسيبك نروحي للبيه حبيب القلب وتعيشوا في تبات ونبات وتخلفوا صبيان وبنات صح ده الي انتي عايزاه ...تبدلت ملامحه لملامح شيطانية
كانت بجواه علي السرير تنتحب بخفوت خشية ان يسمع صوت بكائها فيزيد جرعة العڈاب التي ما عادت تتحملها ..لكم تود ان تزيل جلدها الذي لمسه بيديه المدنسة ..تكره قربه منها ..تكره جسدها الذي يلوثه كل ليلة ..تفضل المۏت علي ذلك المۏت البطئ الذي يذيقها اياه ...قامت من جوار بحرص وتأكدت من نومه ثم ارتدت ثيابها وتحاملت علي روحها المنهكة وأخذت تبحث عن طريقة للفرار من ذلك السچن الذي جلاده لا يرحم ولا يعرف مرادف كلمة الرحمة من الأساس ...تناولت هاتفه من جواره بحرص وحاولت محاولة اخري بائسة لكي تفتحه وتطلب النجدة ولكن ككل ليلة تحاول بها تفشل ...أخذت تبحث عن مفتاح المنزل لعلها تجده وتهرب الي اي مكان بعيداُ عنه ولكنها تسمرت مكانها حينما نظرت له وجدته يطالعها بأبتسامته الشيطانية التي تدل علي انه لن يمرر الأمر علي خير أبداُ ...وبلحظة كان يجذبها من شعرها بۏحشية وهو يقول بصوت يشبه فحيح الافعي :
ـ هو انا مش قولت مليون مرة قبل كده متحاوليش ؟!...
قام بصفعها علي وجهها بقوة وهو يقول :
ـ قولت ولا مقولتش ؟! ..أخذت تبكي بحړقة وصوت مرتفع فصړخ بها بصوت جعل فرائسها ترتعد قائلاُ:
ـ م تردي!!
قالت بسرعة وهي ترتعد من الخۏف : قولت ..قولت
ـ طاب طالما عارفه اني قولت بتعكنني عليا وعلي نفسك ليه !! قولتلك ارضي بالوضع ده انا هرتاح وانتي هترتاحي انما كده انتي الي بتضطريني اتعامل معاكي كده ...قالها ثم دفعها لتسقط بقوة
قالت بړعب :
ـ خلاص خلاص والله مش هحاول اهرب تاني بس سيبني أرجوك
نظر لها بسخرية ثم تركها وذهب وعاد بعد قليل بيده أبرة طبية بها منوم وحبال ...نظرت له بړعب وقبل من ان تتحدث كان قد غرس الابرة في ذراعها فلم يستغرق الامر الا بضع ثوان لتذهب في سبات عميق ...قام بحملها ووضعها علي السرير وكبل يديها وقدميها جيداً ليضمن انها لن تستطيع الحراك ثم ډفن وجهه في شعرها المموج الرائع وهو يحدثها بحنو لا يمت بصلة لهذا الۏحش الذي كان يضربها منذ قليل :
ـ مش لو كنتي سامحتيني ورضيتي من الاول مكانش كل ده حصل ...قولتلك مليون مرة اني مش هطلقك لانك اتخلقتي ليا انا وبس ولا ستات الدنيا كلها تغنيني عنك ...ثم تحول للۏحشية فجأة وهو يقول :
ـ بس انتي الي عقلك فكر انك ممكن يوم تكوني لغيري ..تكوني أم لأبن مش مني .. ممكن تحبي واحد غيري !!بس طول م فيا النفس ده مش هيحصل ابداً ولو اضطريت اقټلك واقتل نفسي بعدها !!
...........................................................
استيقظت بعد وقت لا تعلم ماهيته ...لا تعلم سوي انها ما زالت في ذلك الکابوس البشع الذي لا ينتهي وكعادته قد كبلها كي يضمن عدم تحركها ...لا يفعل ذلك دائماً يفعله فقط حينما تحاول البحث عن وسيلة للهرب وغير ذلك يتركها حرة ولكن بعد ان يغلق عليها كل منافذ الهرب ...بالطبع لا يوجد انترنت او هاتف في المنزل وانما قد جلب لها مجموعة من الروايات والكتب وتلفاز كي تعيش حياة من المفترض انها أدمية ...يزود المنزل بأشهي انواع الطعام والفاكهة والخضراوات ولكنها لا تملك الشهية للأكل فيطعمها هو بالأجبار حتي لا تمرض ...كان هذا المنزل ليكون رائع ان لم يكن محبسها فقد جهزه تجهيزاً جميلاً وعصرياً ولم ينسي بالطبع ان يغلق جميع النوافذ بالحديد كي يضمن انها لن تستطيع الهرب بأي وسيلة ...شرد ذهنها بالماضي وآلامه وتذكرت كل شئ منذ بدايته وبداية عڈابها ..
...........................................
ـــــــــ فلاش باك ــــــــ
....منذ سنتين ....
أستيقظت متأخرة عن موعدها المعتاد لانها قد أمضت ليلتها بالتفكير فيما حدث الامس وما سيحدث في تلك الليلة ...الأمر كان بالنسبة لها صدمة ولكنها كانت صدمة من النوع الذي يشعر بالفرحة ...قامت بسرعة وأرتدت ملابسها وحجابها وأدت فرضها ثم خرجت فقابلت امها في طريقها ...
ماجدة :
ـ ايه يا شغف انتي مش هتفطري ولا ايه ؟! هتهبطي وتقعي في الجامعة زي م حصل الاسبوع الي فات انتي مش ناقصة عشان تبقي سليمة النهارده ...
ردت بضجر :
ـ يا ماما انا متأخرة جداً مش هينفع عندي امتحان ...هبقي اشتري اي حاجة وانا ماشية أوعدك
تنهدت "ماجدة" بتعب من عناد ابنتها وهي تقول :
ـ برضه الي في دماغك في دماغك ...اوعي بس تتأخري وتكسفينا قدام الناس ...
كانت قد ركضت الي الباب بأستعجال وهي تقول :
ـ مټخافيش يا حبيبتي انا هنزل بسرعة انا بقي
ـ في حفظ الله يا حبيبتي
"شغف " ...هي أبنة لمدرس لغة عربية بأحدي المدارس الثانوية ولكن قد توفاه الله منذ خمسة سنوات ...تبلغ من العمر عشرين عاماً ...ليست بارعة الجمال ولا دميمة هي عادية بكل ما تحمله الكلمة من معني ...ملامح هادئة مع بشړة قمحية مائلة للبياض ...عيونها سوداء وكذلك شعرها المموج الطويل الذي تغطيه بالطبع بحجابها ..ليست بدينة ولا نحيفة بل ممشوقة القوام...متدينة منذ صغرها لأن والدتها دوماً ما حرصت علي ذلك الي جانب تفوقها الدراسي الذي كان ظاهراً دوماً حتي دخلت كلية الأقتصاد والعلوم السياسية بجدارة وهي الأن في سنتها الثانية منها ...
...........................................
دخلت للجامعة تبحث عن رفيقاتها لكي يدخلن سوياً لقاعة المحاضرات ...
قالت يارا بعتاب :
ـ انا مش عارفه ايه الي أخرك كده وأخرتينا احنا كلنا !
تدخلت سلمي رفيقتهما وهي تقول :
ـ مش وقته يجماعة دلوقتي يلا بس عشان نلحق المحاضرة دكتور عمر ده ممكن يسقطنا ده مقرف
قالت شغف في محاولة للدفاع عنه :
ـ حرام عليكي ده انسان محترم والله
نظرت لها يارا بحدة وغيرة حاولت مداراتها وهي تقول :
ـ مش يلا بقي وكفاية تأخير ولا أيه
"يارا" هي صديقتها المقربة منذ الصغر وتعدها كلأخت بالنسبة لها ... تبلغ من العمر عشرين عاماً ...متوسطة القامة وجميلة قليلاً لديها بشړة بيضاء وعيون سوداء واسعة وجسدها نحيف ...تكن ل"شغف" الحقد وتري انها تكون سبب شقائها دوماً علي عكس مشاعر"شغف" ناحيتها
...............
دخلت الفتيات لقاعة المحاضرات ولكن لحظهن السئ كان قد دخل قبلهن ونظر لهن بحدة وهو يقول :
ـ أظن انا منبه كتير جداً ان محدش بيدخل بعدي وغير كده النهاردة في أمتحان يعني المفروض تكونوا ملتزمين بالمعاد بالظبط ..
تحدثت شغف بأسف :
ـ معلش يا دكتور عمر احنا آسفين جداً انا راحت عليا نومة والدنيا كانت زحمة جداً ...أخر مرة بجد
نظر لها نظرات اتضح فيها الحنو وهو يقول بصوت عذب وهادئ يخالف النبرة التي كان يتحدث بها :
ـ عشان خاطرك انتي بس يا أنسة شغف بس متتكررش ...
أبتسمت بسعادة أبتسامة سلبت عقله وأذهبته لعالم أخر وهي تقول :
ـ مش هتتكرر بأذن الله شكراً جداً لحضرتك ...
كان هذا أمام تلك العيون المتربصة لهم التي كانت تشع غيرة وحقد ...كانت يارا تغلي من الڠضب وغيرة من صديقتها التي دائماً وأبداً تأخذ كل شئ ...حتي من أحب قلبها وعشقه !!
...................................................................
لكم مرة نهر نفسه علي افكاره وتصرفاته الحمقاء معها !! كل شئ يؤكد ان هذه العلاقة من المستحيل ان تكون موجودة ...الفارق الاجتماعي بينهما كبير جداً فهو "عمر حداد" ابن لرجل اعمال كبير ومن عائلة عريقة الاصول تكتسب شهرة كبيرة علي مستوي مصر والخارج لأمتلاكهم العديد من الشركات والفنادق داخل وخارج مصر ...أما هي فهي أبنة لأسرة متوسطة الحال ...وغير ذلك ففارق العمر يمثل الحاجز الأكبر فهو يكبرها بأحد عشر عاماً ...وما هي سوي تلميذته ...
هو لم يحب من قبل ...لم يجرب ذلك الشعو الذي بات يشعر انه وباء ...كان دائماً متعدد العلاقات بسبب حياته بالخارج ومستواه الاجتماعي لكن ان يحب هذا ما لم يتوقعه عقله أبداً ...حاول ان ينساها بغيرها ولكنه فشل ...حاول ان يقنع نفسه ان شعوره ماهو الا إعجاب ولكنه تيقن انه بات يعشقها حد الجنون فرضخ لشعوره وعزم ان يجعلها ملكه كي يرتاح قلبه المعذب
هو يبلغ من العمر واحد وثلاثين سنةً ...شديد الوسامة ذو بنية رياضية وعضلات ضخمة ...لديه عيون زرقاء رائعة لكنها تكون مخيفة جداً حينما يغضب ...مع شعره البني الذي يضفي عليه رونقاً خاصاً ولحيته التي بالطبع تزيد من وسامته كثيراً ...لكن بالرغم من وسامته الا انه جاد كثيراً في تعامله وقاسې قليلاً ..
.........................................................
عادت الي منزلها فوجدت امها قد أعلنت حالة الطوارئ بالمنزل من تنظيف وتجهيز كي يستقبلوا الضيوف ...كان كلما اقترب موعد مجيئهم شعرت وكأن قلبها سيخرج من مكانه ...لا تعلم بالفعل ما ماهية شعورها؟! ..أهي سعيدة ؟! هي بالفعل لا تعلم ..لا تشعر سوي بالتوتر ...
تجهزت وأرتدت ثوباً بالغ الجمال وحجاب يليق عليه ووضعت القليل من مستحضرات التجميل التي أبرزت جمالها ..
جاءت أختها الصغيرة "نور" مسرعة وهي تقول: يلا بسرعة ظبطي نفسك ده عمو عصام وطنط كاميليا وأدهم جم برة وقاعدين مع ماما والمفروض تطلعي دلوقتي ...
نظرت نحوها بتوتر بالغ وهي تتوكل علي الله بداخلها وتسأله ان يختار لها الخير والسعادة وتمر تلك الليلة علي خير ونظرت نظرة أخيرة بالمرآة ثم خرجت مع أختها وهي تكاد ټموت من التوتر ...
لا تعلم كيف تم الأمر ولكنها فجأة وجدت نفسها معه بمفردهم بحجة انه يجب للعريسين ان يتحدثا سوياً من المفترض انه كي يتفاهما ...كان حديثه جاف خالي من المشاعر أستشعرت ذلك وبقوة :
ـ عاملة أيه ؟! ...بادر هو ليكسر حاجز الصمت الذي يخيم علي المكان
ردت بتوتر : الحمد لله وانت
ـ تمام ...عاملة ايه في الدراسة ؟!
ـ الدنيا تمام الحمد لله
صمت وصمتت هي الاخري ...هو لا يجد ما يمكن ان يقوله ولا يريد هذا الحديث برمته اما هي ؟! فهي كانت تحارب دقات قلبها التي كانت تهلل فرحة قبل قليل والان تحطمت احلامها علي صخرة الواقع ..
جاء الاباء بعد قليل وكان اول من تحدث "عصام" :
ـ أيه يا ولاد اتكلمتوا ؟.. ختم حديثه بنظرة محذرة لابنه
ـ اه يا بابا اتكلمنا
هز رأسه ثم قال مخاطباً "شغف" :
ـ طيب بصي يا شغف يا بنتي احنا اه نعرف بعض من سنين وعشرة وانا عمري م هتمني احسن منك لأبني بس اعرفي انك امانة في رقبتي وانا مش هرميكي اي رمية ..عايزك تفكري كويس لو موافقة يبقى علي بركة الله مش موافقة يبقي انا الي هسلمك لعريسك بأيدي
أبتسمت لذلك الرجل الحنون الذي كان ومازال يعوضها عن فقدان الاب وهي تقول :
ـ حاضر يا عمو متقلقش
عادوا علي منزلهم بعد ان اتفقوا ان تفكر" شغف" ملياً في الموضوع وتبلغ "عصام" عن رأيها ....
..................................................
الصراع الذي يدور برأسها يجب ان ينتهي ...هذه الفرصة لن تسنح لها بقية عمرها هي التي كانت تظن انه حلم صعب المنال صار الان اقرب للحقيقة .
"أدهم" هو شاب في الخامسة والعشرين من عمره ...وسيم بدرجة كبيرة ...له عينان عسليتان ...بشرته سمراء وشعره مائل للون البني وجسده رياضي لذا تتهافت عليه الفتيات ...تخرج من كلية التجارة القسم الأنجليزي وأختار أن يؤسس شركته لنفسه ...أحبته "شغف" منذ الصغر ولكنه لم يحبها يوماً ..
أستشعرت من حديثه القليل انه مجبور علي تلك الزيجة وانه لا يريدها ولكن بعد هذا الصراع الطويل اختارت ان توافق ...هي من المؤمنين بأن المشاعر نحن من نخلقها فبأمكانها ان تجعله يحبها بعد الزواج ...لنقل انها تواسي نفسها بهذا الكلام ولكن هي اختارته فحاجتها للأمان والشعور بأن هناك أحد يساندها تضاعفت بعد أكتشافها لمرض والدتها وان زواجها هو الأمر الوحيد الذي من الممكن ان يريح قلبها ويعطيها أمل بتلك الحياة ..تحاملت علي همومها التي تتضاعف يوم بعد يوم وقررت الټضحية بأقل حقوقها بمشاعر حب طبيعية وزواج عن رضا الطرفين ..وهي لا ترجو من هذه الدنيا سوي بعض الأمان ولعلها تجده بين أحضانه ...
..............................
بعد يومين أخبرت والدتها موافقتها ورضاها التام عن هذا الزواج فلم تقابل والدتها هذا سوي بالبكاء
بكت بحړقة علي ابنتها التي لم تسنح لها الفرصة لكي تتزوج بطريقة طبيعية لمن يستحقها بالفعل قائلة بنبرة تكسوها الحسړة :
ـ والله يا بنتي يعز عليا تتجوزي بالطريقة دي ...أنتي مقامك احسن راجل في الدنيا وتشرطي عليه الي تتمنيه مش تتجوزي بسرعة لأول عريس
قالت الأخري بين دموعها : مين قالك ان انا متضايقة اصلا ؟! لا بالعكس انا مبسوطة جداً "أدهم" عريس البنات كلها بتتمناه ومحترم وكفاية ان أبوه عمو "عصام" ...ماما مټخافيش عليا واتطمني بجد انا موافقة وانا راضية عنه 100% ...عشان خاطري بس ركزي في علاجك عشان تخفي كده وتلفي معايا ونجيب الجهاز زي م كنتي بتتمني
ـ تفتكري هيجي اليوم الي اشوف عيالك فيه ؟! تفتكري هيكون هو الاختيار الصح ليكي وهيحافظ عليكي ؟!
ـ بأذن الله يا حبيبتي كل الي بتتمنيه هيحصل وبعدين بطلي الكلام ده بقي مټخافيش بنتك مش هتسكت لو عملها حاجة وانتي هتبقي معايا وهنندمه ...
ضحكت بين دموعها علي تعبيرات ابنتها ثم ضمتها الي صدرها وهي تقول :
ـ خلي بالك من اختك مهما حصل عشان خاطري ..انتو ملكوش غير بعض بعد ربنا اوعوا مهما حصل تبعدوا عن بعض ...
بكت بحړقة وهي ترد :
ـ يا ماما عشان خاطري ارحميني من الكلام ده ...انتي ان شاء الله مش هيجرالك حاجة وهتفضلي جنبنا لحد م تشيلي عيالنا ويقرفوكي ...عشان خاطري متقوليش الكلام ده ياماما عشان خاطري
أبتسمت لأبنتها رغم الآمها النفسية التي تفوق الآمها الجسدية بمراحل وهي تقول بمرح حاولت اصطناعه كي تخفف عن ابنتها :
ـ خلاص قومي يا عروسة يلا روحي شوفي كليتك عشان مش هقبل بأقل من امتياز السنادي وان شاء الله انا بليل هكلم "عصام" وابلغه موافقتك ...ترددت قليلا ثم قالت :
ـ شغف لو مجبورة بلاش يا حبيبتي انا والله م عايزة ارميكي انا عايزة بس اطمن عليكوا ان هيبقي ليكوا ضهر يحميكوا مش اكتر
ـ مټخافيش يا ماما انا بجد موافقة ...وبعدين اديكي انتي الي بتعطليني عن الكلية اهه ...أقتربت من والدتها وقبلتها ثم ودعتها بحرارة كأنه الوداع الاخير كعادة اكتسبتها منذ علمت بمرضها فصارت تشعر ان كل لحظة الي جوارها كنز ...
......................نهاية الفلاش باك ...................
أخرجها من دوامة ذكرياتها التي كانت تهاجمها بضراوة دخوله عليها الغرفة ...قام بفك وثاق يديها وقدميها ووجهه يظهر عليه علامات الأسف وفجأة حصل ما توقعت حدوثه ..
ډفن رأسه في صدرها وأخذ يبكي كالطفل الصغير الذي أذنب ويرجو سماح أمه ...أخذ يهذي بكلمات تعودت علي سماعها منه في تلك الحالة مما أصبح يؤكد شكوكها تجاهه ..
ـ انا أسف والله معرفش انا عملت كده ازاي انتي بس عشان كنتي عايزة تسيبيني وانا ...انا بجد بحبك ووالله مقدرش اعيش من غيرك ثم قست ملامحه فجأة بعصبية وهو يقول :
ـ مينفعش انتي كمان تسيبني انتي فاهمة ؟!!
عادت ملامحه للين مرة أخري وأكمل بكائه قائلاً :
ـ انا اسف والله انا معرفش انا بعمل كده ليه بجد معرفش ..انا بس عايزك جنبي مش عايز حاجة تانية ...وكالعادة أخذ يهذي بالكلمات تارة پغضب وتارة بلين حتي نام في حضنها متشبثاً بها كأنها هي بر النجاة وليس تلك التي كان يضربها ويغتصبها بۏحشية في الأمس !!
........................................
أن يستطيع ان يباشر أعماله في مثل ذلك الوقت الذي تهاجمه فيه المشكلات بكثافة لم يعتادها بحياته أمر يحسد عليه ...عاد لمنزله ليلاً بعد أن شعر بعدم قدرته علي المداومة فقلبه الملكوم لا يسكت بتاتاً ...يطالبه بأن يعيد ما كان يمتلك من قبل وضاع منه ...قلبه يعاني وهو يتخيل كم المعاناة التي تلاقيها الآن ..لا يطلب سوي الاطمئنان عليها وان كانت اخر مرة يري بها وجهها الذي يعيده للحياة ...
لم يجد امامه سوي أن يعود الي منزله ويحدث تلك التي دوناً عن العالم أجمع هي ملاذه ..هي كاتمة اسراره ...هي من تسمعه وتعده الا تفشي سراً ...ولكن قلبه هوي في قدميه حينما سمع بكائها العالي يأتي من غرفتها ...
ركض ناحية سريرها الصغير ثم قام بحملها علي صدره وأخذ يهدهدها ويمسح دموعها التي كانت كالڼار تكوي قلبه ...نظرت له بعيونها البريئة الواسعة وهي تشهق كأنما تقول له "لما تركتني وحيدة هنا " ...هدأت بعد ان أستشعرت وجوده بجانبها ثم قام بتقبيلها علي جبهتها الصغيرة وهو يقول بأسي :
ـ سابتك لوحدك في البيت ونزلت برضه !! نفسي أعرف دي أم ازاي دي ؟!! بس انا السبب انا الي عملت فيكي وفي نفسي وفي "شغف" كده ...
أخذ يربت علي كتفها وهو يمسك هاتفه ويهاتف تلك التي أقسم الا يرحمها بعد فعلتها التي لا تمت للأمومة ولا الأنسانية بشئ ...
أخذ يحاول الأتصال بها مراراً ولكن النتيجة هي ان هاتفها مغلق ...ألا يكفي انها خرجت دون ان تأخذ أذنه لا بل تركت تلك الرضيعة التي عمرها لم يتجاوز العشرة أشهر بعد في المنزل بمفردها ...لم يعد بأستطاعته التحمل أكثر من ذلك ..كان يتحمل من أجل تلك الصغيرة التي يصعب عليه ان تعيش بلا أم ولكنه وجد ان حياتها معها وبدونها واحدة فعزم أموره علي ان يتخلص من تلك التي تعد أكبر وأبشع اخطائه ...هو بالفعل لا يتخيل كيف انه تخلي عن حبيبته التي ليس لها مثيل كي يتزوج تلك !
ـ طبعاً مبتردش كالعادة ...خلاص والله قرفت منها ومبقتش طايقها وانتي كمان مش كده بس انا الي غلطان من الاول ..صمت قليلاً ثم نظر لها كأنما يستجدي عطفها ودعمها قائلاً : أ
ـ نا عارف انه غلط كبير أني أفكر في واحدة متجوزة ومش من حقي بس مش قادر ...أنا عارف انها پتتعذب ومش عارف اساعدها ...جوزها ده الشيطان ذات نفسه وانا متأكد انه هو الي خاطڤها ...نظرت له بعينيها البريئة كأنما تفهمه وتناقشه بالأمر لدرجة انه اجابها قائلاً :
ـ متبصليش كده هي مش هتهرب وتختفي مننا لو كانت عايزة ده مكانتش حكت لبابا الموضوع وبلغتنا انها هتطلق وبعدين علي الأقل كانت طمنت اختها ...أنا متأكد ان هو الي خاطڤها وانا هرجعها بأذن الله ..صمت قليلاً كأنما يستجمع نفسه ثم أكمل :
ـ كل حاجة هترجع لمجراها الطبيعي الي كان المفروض تكون فيه و زي م انا الي دمرتها انا الي هرجعها ثم أكمل برجاء :
ـ بس هي توافق !
أخذ طفلته التي أصبحت تشد في قميصه كحركة لتخبره انها تريده أن يحملها أو بالأحري يطعمها فهو يفهم مطالبها بصورة عجيبة ...أخذها الي المطبخ وأعد لها وجبتها من الطعام المخصص للأطفال وأجلسها بجواره علي الكرسي الصغير المخصص لها ثم شرع يطعمها وذهنه يرفض ان يمنحه بعض السكون ويذكره بما مضي من غبائه ..
.......فلاش باك ......
كان وقتها قد مر شهرعلي خطبتهما ...
لم يتغير في تلك الأشهر شيئاً بداخله ناحيتها بل علي النقيض تماماً كان بغضه لها يزداد بمرور الوقت ...بالطبع الي جانب حديث والدته المستمر بالسوء عنها وعن عدم مناسبتها لعائلتهم ذات الأصول الكريمة ..
كان يتحدث معها بالهاتف بالطبع ليس برغبته بل والده الذي أجبره علي ذلك كما أجبره علي تلك الزيجة برمتها ...
ـ طيب هننزل بكره نكمل باقي الحاجات الي المفروض نجيبها ولا انت وراك شغل ؟! كانت تلك كلماتها التي يظهر فيها نبرة الألم
ـ لا هاخد اجازة وهنروح بس ياريت تخلصي بسرعة مش نقعد ستين سنة بنتفرج في محل وفي الأخر تقوليلي مفيش حاجة عجبتني وياريت كمان تعدلي زوقك المقرف ده عشان انا مش ناوي الصراحة اخلي شقتي زريبة
ردت عليه بنبرة شبه باكية : خلاص ابقي نقي انت الي انت عاوزه وانا مش هيفرق معايا ...لم تمهله فرصة كي يرد وأغلقت الهاتف وهو يعلم انها دخلت في نوبة من البكاء الحارق الأن ...
نهر نفسه علي فعلته تلك والتي كررها كثيراً ...حتي وان كان مجبراً علي تلك الزيجة فما ذنبها تلك ان يزيد همومها هموماً وخاصة بعد معرفته ان امها حالتها حرجة للغاية لذا أسرعوا ميعاد الزواج برجاء منها حتي تطمئن علي ابنتها ...
لن يستطيع ان ينسي حديثها الأخير له ان يتقي الله في ابنتها ويحافظ عليها ويحميها ...كلما يتذكر كلامها يستشعر مدي حقارته تجاهها ولكنه بالفعل لن يستطيع ان يكمل وخاصةً بعد ان تعرف علي تلك التي سلبته عقله "سالي" ..
"سالي" بدأت العمل في شركته الصغيرة التي شرع في انشاءها بعد خطبته ل"شغف" كتنفيذ لأتفاقه مع والده ...اعجبته كثيراً ..جمالها ..شخصيتها ..كانت تمثل له امنية صعبة المنال ولكنه قرر ان ينالها عاجلاً أم أجلاً ولكن اولاً عليه ان يتخلص من الأخري ..كانت شقراء ذات جسد شديد النحافة وعيون خضراء وبشرتها قمحية ...من يراها كان يفتن بجمالها ولكن الظاهر ليس كالداخل بالطبع
مر أسبوعان ولم يزداد الوضع سوي سوءاً
كان يتحدث مع والدته التي كانت بدلاً من ان تجعله يعود الي صوابه كانت تقويه علي تلك المسكينة وتصب السم في أذنيه صباً وخاصة بعد ان علمت منه أمر حبه لتلك "سالي"
ـ انا مش عارفه يا حبيبي انت ايه الي رماك الرمية دي بس البت مفيهاش ريحة الحلاوة ولا من عيلة عدلة والصراحة متلقش بيك خالص وبعدين انت كمان مش عايزها يبقي تسكت ليه ؟! صمتت قليلاً ثم أكملت بمكر :
ـ وبعدين الصراحة انا بعد م شوفت سالي الي بتشتغل معاك في الشركة دي وانا مش قادرة اتخيلها غير ليك البنت جمال ومال وحسب ونسب وتعليم متتعايبش ..مش تقولي الژبالة دي
كانت هي وابنها في أحد المراكز التجارية الشهيرة حيث كانت تريد ان تبتاع بعض الأغراض وطلبت منه ان يقلها ...تقابلا مع "سالي"ووالدتها بمحض الصدفة وقتها وتعرفت هي عليهم واعجبت بهن بشدة وبالطبع لم يخفي عليها نظرات ولدها التي توحي بحبه لها !!
وجدت ان تلك هي فرصة جيدة جداً كي تتخلص من تلك الحثالة التي يريد زوجها المصون تزويجها لأبنه ..
لم ينتهي الحديث عن هذا الحد بل أخذت تعدد محاسن "سالي" ومساوئ "شغف" لدرجة انه حتي إن كان متيماً بعشقها وقتها كان ليكرهها أشد الكره ...وأقنعته ان والده قد فعلها وأعطاه أموال الشركة فبأستطاعته الان ان يلغي الامر برمته متحججاً انه لا يحبها وسوف يظلمها ان تزوجها بهذه الطريقة ..
في اليوم التالي كان يحدث والده في هذا الأمر ...
ألقي الكلام علي مسامع والده وهو ينتظر ردة فعله العڼيفة ولكن ما وجده كان العكس تماماً!
نظر "عصام" لولده وهو يقول بسخرية وابتسامة متهكمة رسمت علي ثغره :
ـ خلصت كلامك ؟! أسمعني بقي انت مستني مني ايه اقعد اترجاك متسيبهاش واهددك واعمل واسوي ؟!! طيب انا بقي هقولك اني هخذلك ومش هعمل كده .. الي انت بتقول عليها وقال ايه بتحبها وعايز تتجوزها ماشي اتجوزها انت حر ...الي متعرفوش ان انا الي كنت ناوي أفسخ الخطوبة دي علي اعتبار اني في مقام أبوها ...انا عملت كل ده عشان كنت متوقع انك هتحبها وهتخاف عليها وانك احق الناس بيها بس الحقيقة اني كنت غلطان وانا مش هرمي بنتي الرمية دي انت متستحقش ضفرها حتي بالطريقة الي سمعتك بتكلمها بيها في التليفون دي ...انا عيني مغمضتش امبارح وانا بتخيل أبوها وهو بيقولي اني ضيعت أمانته ... انت حتي معملتش حساب لأمها الي بين الحيا والمۏت وكل أملها انها تفرح بيها وهي اصلا مش راضية عنك كزوج لبنتها لأنها شايفة معاملتك ليها ..ثم نظر لزوجته وقال بتهكم : ومعاملة أمك المصون الي انا متأكد انها هي الي مكبرة في دماغك الموضوع والي خدت طبعك الزفت ده منها ...أعمل الي انت عايزه يا أدهم بس أفتكر ان هيجي اليوم الي هتندم فيه علي كل الي عملته ده وهتتمني الزمن يرجع بيك تاني بس ده مش هيحصل ...هيبقي فات الأوان يابني ..
......نهاية الفلاش باك ......
أخذت كلمات والده تتردد في أذنه كالأجراس والدموع قد أحتجزت في مقلتيه ..لكم تذكر هذه الجملة واستشعر صدقها ...وبالأخص الأن ..
أخرجه من تفكيره صوت فتح الباب فنظر تجاهها وأستغفر الله في سره كي لا يقوم ويفتك بها الأن فهي حتي المۏت كثير عليها
قال بنبرة مخيفة جعلتها ترتجف :
ـ كنتي فين لحد الساعة 2 الفجر يا هانم وسايبة بنتك لوحدها ..لا وكمان قافلة تليفونك عشان القفص الي متجوزاه ميوصلكيش صح ...كانت نبرته قد أرتفعت بطريقة مرعبة وهو يجذبها من شعرها بقوة جعلتها تبكي من الألم ..
خلصت شعرها من بين قبضته بصعوبة شديدة ...ثم حاولت ان تنقذ الموقف فتحدثت بنبرة ناعمة قائلة :
ـ والله انا اسفة مكنتش اعرف اني هتأخر كده ...ثم مدت يدها كي تلعب في خصلات شعره القصيرة بنعومة تجعله يود ان يتقئ وأكملت حديثها :
ـ أنت عارف اني ببقي قاعدة مخڼوقة في البيت وروكا كانت نايمة فقولت أنزل أروح ل"شيري" صاحبتي نقعد سوا شوية وكنت هرجع قبل م تيجي بس القعدة خدتني وانت رجعت بدري النهاردة ...أنا آسفة يا بيبي مش هتتكرر تاني ..
نظر لها بأشمئزاز وهو يقول بفحيح :
ـ يستحسن تكون أخر مرة عشان أقسم بالله المرة الجاية هتشوفي وش عمرك م شوفتيه ولو كنت سكت المرادي فده مش ضعف مني لا ده عشان بنتي مش عشانك وياريت تفهمي ده كويس ...وأخذ يطرق بأصبعه علي دماغها پعنف مكملاً :
ـ وحطي في دماغك دي ان اول م بنتي هتتفطم من الرضاعة انتي مش هيبقي ليكي وجود تاني في البيت ده متعمليش فيها الحمل الوديع ..
كانت سترد عليه ولكنه لم يمهلها تلك الفرصة وتركها وذهب الي غرفة ابنته كي ينام ويزيل فكرة ان ېقتلها الان من رأسه
انتظرت حتي تأكدت من نومه ودخلت الي غرفتها أو تلك الغرفة التي كانت مخصصة لكليهما قبل أن يقرر هو أن يتركها ويذهب لينام في غرفة إبنته ...لا تتذكر منذ متي بدأت سلسلة المشاجرات المتتالية بينهما ..لنقل منذ أن بدأ يفهم ماهية مشاعره تجاهها وأنها لم تتخطي مرحلة الاعجاب فقط ! هي بالطبع لم تتأثر من ذلك فهي لم تطيقه يوماً بل تزوجته كي تخرس عائلتها وبالأخص والدها عن الثرثرة حيال أمر الزواج ...زادت المشاكل والخلافات بينهما حتي انهما كانا قد اتفقا علي الطلاق قبل ان تعلم هي بأمر حملها منه ...أتفقا ان يأخذا فرصة أخري من أجل ذلك الطفل الذي ليس له أي ذنب في خلافاتهما ...حسناً لنقل ان هي من أقنعته بهذا وهو لم يكن يريد ان ينظر لوجهها حتي وإن جئنا للحق هي كانت تبغضه بدرجة أكبر بكثير من درجة بغضه لها ولكن لمصالحها الأولوية هنا ..
نفضت عن رأسها تلك الأفكار وأمسكت هاتفها وأجرت مكالمة ...جائها صوت الطرف الأخر قائلاً :
ـ ياريت طالما مكلماني دلوقتي يكون في جديد وألا مش هيعجبك ردة فعلي
ضحكت ثم أردفت بمكر :
ـ مفيش جديد بس في قديم ...بالنسبة ان الفلوس لسه موصلتش حسابي مثلا ! أصل انت أوعي تفتكر أني هكمل علي الوضع ده أنا مستحملة القرف والتهزيق بتاعه عشان سيادتك أنما لو علي الحال ده سوري يا بيبي مش لاعبة ...أنا ممكن في لحظة أقلب الوضع عليك
ضحك بقوة أثارت أستفزازها وهو يقول بنبرة قوية :
ـ والله شوية المعلومات الخايبة الي بتجيبهالي عن جوزك دي ولا حاجة أنا أقدر أجبها بمعرفتي يا حلوة من غير م أحتاج أمثالك ...ثم أكمل بنبرة مرتفعة جعلتها ترتجف :
ـ إنما حوار تقلبي الوضع ف انتي فهمتي غلط مش "عمر حداد" الي يتلعب معاه اللعبة دي ي قطة ..لو لسانك فكر للحظة يقول كلمة فأنا الصراحة مش مسئول عن تصرفاتي وانتي عارفة ...لو تحبي انا ممكن أوريكي عينة من الفيديوهات الي عندي ليكي بصراحة أدهم طلع معاه فرسة أصل الي متعرفيهوش ان الي كنت مفكراه حبيبك ده باعك وسجلك الفيديوهات الجميلة دي وجه أداهالي مش تبقي تختاري الناس كويس برضه ...أبقي فكريني أخدك ليلة ومټخافيش بدفع كويس ...
جحظت عينيها پذعر وهي تقول :انت بتقول ايه ؟! انت أكيد مچنون ...الي في الفيديوهات دي أكيد مش أنا
ضحك بشدة ثم أغلق الهاتف في وجهها تاركاً أياها ټلعن نفسها علي غبائها وتفكر كيف ستخرج من ذلك المأزق الذي سيدمر حياتها وحياة عائلتها التي لن ترحمها ابداً ..
غافلة عن المأزق الأكبر الذي وقعت فيه فقد أستمع لحديثها "أدهم" الذي كان قد خرج ليشرب حينما كانت تتحدث وصعق بشدة حينما سمع حديثها وقرر أن يتحري عن الموضوع وإن كان حقيقة فمۏتها سيكون علي يده لا شك في ذلك ...لم يرد أن يعلمها بسماعه لحديثها كي لا تأخذ إحطياتها ولا يستطيع كشفها فحاول التظاهر كأن شئ لم يكن وفي داخله نيران مشټعلة تريد الفتك بها ..
.......................................
دلف الي الغرفة باحثاً عن زوجته فوجدها تجلس علي السرير ممسكة بهاتفها وتنتحب بشدة ...كانت تطالع صور أختها المفقودة بحسرة
جائها صوته القلق قائلاً :
ـ الجميل هنا وانا قالب عليه الدنيا بره ...كان قد جلس بجوارها علي السرير وقام بمد يده لكي يمسح الدموع عن وجهها ثم جذبها الي صدره كي يشعرها بالأمان ..
دفنت هي وجهها في عنقه وهي تقول مع بكائها المستمر : مش قادرة يا يوسف بجد مش قادرة انا تعبت ...عيلتي كلها ضاعت يا يوسف ...مكانش متبقيلي في الدنيا غيرها وهي كمان ضاعت
كلماتها وبكائها كانا كالخناجر المصوبة لقلبه.. يريد ان يساعدها ويجعلها تتخلص من آلامها ولكنه مكبل الأيدي
حاول التخفيف عنها وهو يبعد وجهها عن صدره وينظر لعينيها قائلاً بلوم مصطنع :
ـ وانا روحت فين هه ؟! ثم أكمل بمرح محاولاً رسم الأبتسامة علي وجهها البرئ : رمتيني في الژبالة في ثانية ي خاېنة ؟!! أمال فين أنت أبويا وأخويا وحبيبي ؟!
أبتسمت أبتسامة شاحبة كانت كافية لتنعش روحه المټألمة لألمها ...كوب وجهها بيديه ونظر لعينيها قائلاً :
ـ هترجع يا حبيبتي بأذن الله ..وانا والله بعمل كل الي عليا أنا وأدهم وعمو عصام عشان نرجعها ومش هنرتاح ولا يهدالنا بال الا لما ترجع لحضنك ونخلصها من الحيوان الي هي متجوزاه ده ...ده وعد مني ليكي يا نور حياتي ...وأكمل بنبرة كوميدية: أو كما قال الأخ الفنان" تامر حسني " يا نوووور عيني ضميني حسيني ..مش هتضميني بقي ولا ايه ؟!
ضحكت بشدة علي كلماته فهو دوماً يستطيع ان يخرجها من حزنها بدعمه وحبه لها ..أقتربت منه وأحتضنته بشدة قائلة بهيام :
ـ بحبك أوي بجد ..وبحمد ربنا كل يوم أنه رزقني بيك ..
أبتسم لها بعشق قائلاً :
ـ مين الي المفروض يحمد ربنا علي مين قوليلي ؟! انتي اجمل حاجة حصلت في عمري كله والله ...ثم تابع بجدية : صحيح متفكرنيش نسيت ..انتي بقالك كام يوم مبتروحيش الجامعة وانا مش هسكت علي ده تاني ...لازم نلتزم بمواعيدنا ياحضرة الباشمهندسة ...
رفعت يديها الي وجهها كتقليد للحركة العسكرية قائلة : حاضر يا فندم
ضحك كلاهما بشدة فقد أستطاع أخيراً ان يزيل عنها بعض من حزنها ويعطيها بعض الأمل ولكن سرعان ما تغيرت تعابير وجهها الي الاشمئزاز وهي تقول له :
ـ ريحة البرفيوم بتاعتك وحشة أوي
نظر لها بأستنكار قائلاً :
ـ نعم ! ده البرفيوم الي بحط منه علي طول مغيرتوش وانتي عارفه ريحته كويس
ـ مش عارفه ريحته قلبت بطني ..وما كادت تكمل كلماتها حتي جرت علي الحمام بسرعة وأخرجت كل ما بجوفها ...
لحقها هو بسرعة وهو يسألها پذعر : أنتي كويسة ؟! أيه الي حصل ؟!
قامت بغسل وجهها بالماء جيداً وهي تقول : مش عارفه بقيت مش طايقة ريحة اي حاجة وكل شوية برجع
ـ طاب مقولتليش ليه طيب ؟!
ـ مكنتش عايزاك تقلق عليا عادي يعني تلاقيه برد في بطني وهيروح وانت بتقلق جامد
نظر لها بعتاب قائلاً :
ـ مينفعش الي انتي بتقوليه ده تاني مرة تقوليلي علي طول فاهمة ! بكره ان شاء الله هاخدك تكشفي قبل الشغل عشان نتطمن ..
نظرت له بحب قائلة :
ـ انا اسفة عشان خاطري متزعلش
ـ أنا مبعرفش ازعل منك بس الفكرة كلها أني بټرعب ...أنا بخاف عليكي من الهوا الطاير والله
ـ متخافش قاعدة علي قلبك ومربعة ...ومش هنول الكركوبة الصفرا دي مرادها ابداً
ضحك بشدة علي تعابيرها مردفاً :
ـ هتفضلي طول عمرك كده أقسم بالله
"نور" هي أخت "شغف" التي تصغرها بعامين وتشبهها في الملامح الي حد كبير ...ذات عينين بنيتين وشعر أسود تغطيه بحجابها بالطبع وبشرة بيضاء وجسدها نحيف ...ملامحها الرقيقة تجعل منها جميلة بالطبع
"يوسف" صديق "أدهم" المقرب الذي يعد كالأخ بالنسبة له ...جسده نحيل ولكنه طويل ووسيم الي حد ما ...ذو بشړة سمراء وعيون سوداء وكذالك شعره ...يتميز بأخلاقه وتدينه وحنانه مما يجعلها تحبه بصورة لا تصدق