روايه امراه العقاپ

موقع أيام نيوز

والغريب أن حتى الصغيرة لم ترفض بل رحبت بالفكرة وسعدت جدا 
هب واقفا وكان سيندفع للداخل حتى يذهب لها ويتفقدها بعد كل هذا
التأخير لكنه تسمر بأرضه في ذهول عندما وجدها تفتح الباب وتغادر المنزل تسير باتجاهه في خطوات متريثة وناعمة مثلها 
كانت ترتدي ثوب أسود اللون طويل وضيق يندرج بفتحة مثلثية من القدم حتى الركبة ومن الأعلى حمالات عريضة فوق كتفيها تنزل بشكل دائري عند الصدر أما من الخلف فكانت فتحة الثوب واسعة تصل لمنتصف ظهرها وتترك شعرها الأسود الحريري ينسدل على ظهرها من الخلف تاركة بعض الخصلات المائلة أمام عيناها 
كانت تسير نحوه برقة معهودة منها وبقدمها ترتدي حذاء مرتفع من نفس
ابتلع حلقه الجاف وقال باسما بإعجاب وهيام 
لولا إن المطعم مش هيكون فيه غيرنا مكنتش خليتك تطلعي باللي إنتي لابساه ده أبدا 
جلنار پغضب بسيط 
ماله فستاني !!!
عدنان بعينان تتفحصها بجراءة مبتسما 
إذا كان أنا وعملتي فيا كدا أمال لو طلعتي قدام الناس هيحصل إيه ! 
تأثرت قليلا بكلماته لكنها لم تظهر حيث ردت بصرامة 
إنت قول الحمدلله إني وافقت أخرج معاك أصلا 
عدنان ببرود يحسد عليه بعدما فهم أنها تتعمد إثارة غضبه 
الحمدلله مش يلا بقى ولا إيه يارمانة اتأخرنا
تأففت بخنق من كلمته المشهورة رمانة وسارت باتجاه السيارة فكانت خطواته هو اسرع منها حيث وصل قبلها وفتح
لها باب المقعد المجاور له يبسط كفه مشيرا للداخل فوقفت وتطلعت إليه رافعة حاجبيها بابتسامة قبل أن تمسك بثوبها ترفعه قليلا وترفع ساقها الناعمة والجميلة حتى تدخل وتجلس بالمقعد وتتابعه بعد أنا اغلق الباب والتف للجهة المقابلة يصعد بجوارها وينطلق بالسيارة 
كان العشاء بأحد افخم المطاعم وحين دخلت معه كان المكان فارغ تماما لا يوجد به أي طاولات ولا وجود لأي زبائن وفقط بالمنتصف وضعت طاولة متوسطة الحجم وحولها مقعدين مقابلين لبعضهم والأضواء كانت بنية خاڤتة وصوت موسيقى رومانسية هادئة تملأ المكان 
التفتت برأسها إليه وقالت بدهشة 
إنت حجزت المطعم ده كله علشانا احنا بس !!! 
انحنى على أذنها يهمس في عاطفة 
تؤتؤ عشانك ! 
مالت برأسها للجانب وحدجت في لمعة عيناه الجديدة بعمق وفورا اشاحت بوجهها بعد أن أحست بأن الابتسامة ستخدعها وتنطلق فوق ثغرها ثم سمعت همسه الخاڤت مع ابتسامته 
تعالي نقعد يلا
سارت معه نحو الطاولة الوحيدة المتبقية بالمطعم وقبل أن تسحب مقعدها كان يسحبه
هو لها بأسلوب راقي هنا فشلت في إخفاء ابتسامتها التلقائية التي شقت طريقها لثغرها وجلست فوق المقعد ثم ابتعد هو والتف ليجلس فوق مقعده يتابعها وهي تتجول بنظرها في أرجاء المكان كله معادا وجهه 
فجأة صدح صوت رنين هاتفه الموضوع فوق سطح الطاولة فتطلع لشاشته يقرأ اسم المتصل ثم جذبه واستقام واقفا
يسير مبتعدا عنها ليجيب بغلظة 
عملت إيه 
رد الطرف الآخر بخبث وشيطانية 
كله تم زي ما أمرت ياباشا مش فاضل غير أوامرك بس عشان ننفذ فورا 
أظلمت عيني عدنان بشكل مخيف وغمغم في صوتا مريبا ومخيفا بعض الشيء 
تمام انتظر مني الإشارة مش عايز أي غلطة ولا عينكم تغفل للحظة 
اطمن ياباشا كله تحت السيطرة
انهى الاتصال فهو ليس بوقت يسمح له بالانشغال بهذه الأشياء الآن وضع هاتفه في جيب بنطاله وعاد لها ليجلس فوق مقعده من جديد 
كان يعم الصمت القاټل بينهم لا يسمع سوى صوت الموسيقى من حولهم هي لا تنظر له وهو يتأملها بعمق حتى وصل نادلين أحدهم يحمل صينية واسعة فوقها صحون الطعام والآخر كان يقف بجوراه يلتقطت الصحون ويضعها أمامهم فوق الطاولة بانتظام وبعد انتهائه ارسل لهم ابتسامة عذبة في رسمية قبل أن يستدير وينصرف 
كانت الأغنية رومانسية هادئة تجعلهم يتحركون معها بتناغم ورقة وبعد دقيقة من الصمت سمع أخيرا همستها القوية بنظراتها الثاقبة كنظراته تماما كأنها تعلمتها منه 
ليه !! 
هو إيه اللي ليه ! 
جلنار بتوضيح أشد 
ليه بتعمل ده كله ياعدنان !! 
تنهد بقوة وغمغم في صوت رجولي جاد دون أن تزين شفتيه أي ابتسامة 
بحاول اعوضك بكل شكل ممكن صحيح أدركت خطأي وندمت متأخر بس ده ميمنعش إني احاول اصلح الغلط ده
لمعت عيناها بالعبارات ليس لجمال كلماته ولكن لذلك الوضع الذي يعاني كلاهما منه 
لا هو يتخلى ولا هي تتمكن من العفو بسهولة 
قالت في خفوت وضيق 
اللي قولته الصبح مش هيغير حاجة ومش هيخليني انسى كل حاجة واسامحك 
ابتسم بمرارة وتمتم في تفهم 
عارف ومش منتظر إنك تسامحيني بالسهولة دي أساسا أنا بس حبيت اوضحلك إني عمري ما كرهتك ولا يمكن هكرهك
جلنار باستياء وألم دفين 
وليه متقولش إنك حاسس بالندم عشان كدا رافض تطلقني كنوع من تكفير الذنب وعشان تريح ضميرك
احتدمت نظراته في حدة ليهز رأسه بالنفي في عڼف ويقول بصدق لمسته في نظرته وصوته 
أبدا أنا لو فعلا زي ما بتقولي كنت هطلقك واسيبك وهبقى برضوا ريحت ضميري لكن أنا عايزك بجد ومش مستعد اخسرك إنتي وبنتي إنتي عرفاني
كويس وعارفة إني مش بتمسك بشيء إلا لما يكون غالي عندي بجد وإنتي وهنا اغلي حاجة في حياتي دلوقتي
فشلت في منع دمعتها المتمردة التي سقطت فوق وجنتها الناعمة والبيضاء لتجيبه في قوة رغم عيناها الدامعة 
الكره حاجة والحب حاجة ياعدنان مش معنى إنك مش پتكرهني يبقى بتحبني يمكن صحيح إنت عمرك ماكرهتني بس كمان مبتحبنيش
ارتفع صوت رنين الباب وكانت أمها تقوم بأداء فرضها فاضطرت هي للنهوض حتى تفتح للطارق المجهول سارت زينة باتجاه الباب هاتفة 
أيوة ثواني 
وصلت وامسكت بالمقبض تديره وتجذب الباب إليها بعفوية غير متوقعة لما ستجده أمامها وبمجرد ما أن وقعت عيناها عليها تصلبت كان صاعقة أصابتها من فرط الصدمة وتفوه لسانها بشكل لا إداري في عدم استيعاب 
هشاام
الفصل الرابع والثلاثون 
كانت في عالم آخر حتي صړخ صوت بعقلها واستفاقت على أثره فأدركت الوضع ابعدت يديها عنه وتراجعت للخلف بخطوة تسحب جسدها من بين ذراعيه وتحدجه بسكون وبعيناها نظرة استنكار لضعفها أمامه لا يجب أن تكون لينة بهذا الشكل فمازال الطريق طويل أمامه حتى ينال ما يسعى إليه 
تابعها عدنان بعيناه
البائسة وهي تعود لتجلس فوق مقعدها أمام الطاولة وتشيح بوجهها للجهة الأخرى تتفادى النظر إليه عمدا كإشارة بسيطة ترسلها له من خلال تلك التصرفات أن ما حدث كان مجرد حالة لحظية لا تعني
شيء وأنها لن تكون دليل على هي في المقدمة تلك القائمة التي يود الهروب منها ظن أن السنوات والبعد سيقضى على عشق لم يجد مأواه مع عاشقه لكن لم تزيده السنوات إلا ألما وشوقا يتخبط كل ليلة بأشواقه وأحلامه التي
تزوره بها دوما كأن عقله الباطني يرسل له إشارات ليخبره من خلالها يكفيك تفكير بها ترهق نفسك وترهقني معك ! لكن هيهات فهل يستمع القلب المتعجرف لذلك العقل المتفلسف ! 
قلبه أخذ يطرق بقوة يرسل للجميع دليلا بأن الليلة التقى أخيرا بذلك المعشوق الذي ارهقه لسنوات والإبتسامة صعدت بشكل لا إرادي
فوق شفتيه أما عينيه فحملت لمعة العشق والشوق لكم يرغب الآن بضمھا إليه يستنشق رائحتها فتتخلل إلى نفسه المشتاقة 
تغيرت وأصبحت أكثر جمالا اكتسبت القليل من الوزن في جسدها الضئيل ملامحها الطفولية
نضجت وباتت تليق حقا بأنثى فاتنة مثلها تلك العينان السوداء اللامعة والواسعة والشفاه المنتكزة والأنف المستقيم مع شعرها الطويل المنسدل بخصلات صغيرة فوق وجهها وترفع باقيته لأعلى بمشبك صغير 
رمشت زينة بعينها عدة مرات في عدم تصديق حتما تحلم لا يعقل أن تكون تراه بالفعل أمامها بل هو حتى لم يعد هشام التي تعرفه ! أين جسده النحيف وشعره الذي يستمر بحلاقته كلما ينمو بسبب انزعاجه من الشعر الطويل أصبحت بنيته ضخمة وجسده رياضي ومثاليا أما شعره الناعم سرحه بشكل عصري ورائع حتى
أن لحية ذقنه نمت بشكل كثيف ومعالم وجهه أصبحت أكثر غلظة وصرامة يبدو أن تلك السنوات لم تذهب هدرا بالفعل وذلك الغبي انسته السنوات صديقته الوحيدة ! 
ظلوا يتطلعون ببعضهم في صمت أحدهم لا يبالي بشيء سوى بإشباع عينيه من النظر لذلك الوجه الجميل والأخرى تتملكه الصدمة قطع لحظتم قدوم ميرفت التي بمجرد ما أن لمحت عيناها هشام صاحت بعدم تصديق 
هشاااام 
هرولت إليه شبه ركضا تضمه لها بقوة وتضحك بعدم استيعاب لم يكن مجرد ابن أخت زوجها بل هو ابنها أيضا كان لها دورا كبيرا في تربيته مع أمه وكبر على يديها 
هتف هو بابتسامة عذبة تملأ شفتيه كلها 
وحشتيني يا فوفا 
أدمعت عيناها من فرط سعادتها وابتعدت عنه تلكمه في كتفه بخفة وتهتف بعتاب 
اخص عليك بقى بعد السنين دي كلها متقولناش إنك جاي !! 
والله أنا اتصلت بماما الصبح وقولتلها إني راجع ولما عديت من قدام البيت عندكم بالطريق قولت لازم انزل واشوفكم 
ميرفت بعينان دامعة وشقتين منفرجتين 
وحشتنا أوي ياغالي 
القى نظرة خاطفة على زينة وغمغم بنبرة منبعثة من صميمه 
صدقيني وانتوا أكتر والله أنا مكنتش عايش هناك 
طالما رجعت مش هنسيبك تمشي تاني خلاص 
هشام باسما بنظرة ذات معنى 
وأنا مش ناوي أفارق تاني أساسا 
عقدت زينة ذراعيها أمام صدرها رغم سعادتها بعودته إلا أنها مستاءة منه لغيابه طوال كل تلك السنوات دون أن يتواصل معها بأي شكل من الأشكال 
سمعها تهتف متذمرة بجفاء مزيف 
لسا فاكرني ولا نسيتني كمان يا دكتور 
رمقها بعينان مغرمة وهائمة ليهمس بصدق 
أنا حتى لو حاولت انساكي مش هعرف يازينة
ابتسمت له ولانت ملامحها الحازمة لتقترب منه وتعانقه برقة هاتفا في مداعبة وفرحة تظهر بوضوح في صوتها 
حمدالله على السلامة وحشتني أوي ياصديقي 
رغم انزعاجه من وصفها له بصديقها إلا أن ذلك العناق الذي كان يتمناه حصل عليه أخيرا فلم يبالي بأي شيء سوى بأن يغذي نفسه الواهنة برائحتها وقربها وللأسف لم تدم سعادته طويلا حيث ثواني معدودة وابتعدت عنه وهي تبتسم باتساع 
وقعت عيناه على كفها الأيمن فلمح ذلك الخاتم الذهبي الذي يزين أصبعها تلاشت الابتسامة فوق شفتيه وتجمدت معالم وجهه ليظهر عليها الدهشة والألم بآن واحد انتبهت لنظراته الثاقبة فوق أصابعها فرفعت كفها تنظر للخاتم ثم تجيبه بحماس 
تعالى ادخل بس الأول وبعدين هحكيلك ده في حجات كتير حصلت في غيابك ياعم ادخل يلا 
ميرفت ببهجة وسعادة 
أنا الفرحة مش سيعاني والله بشوفتك يابني 
كان بعالم موازي لا يستمع لأي شيء فقط ذلك الشعور المؤلم
وكأن سکين
انغرزت بقلبه وهو يسألها بمرارة آملا في أن تنفي سؤاله 
إنتي اتخطبتي يازينة !!! 
هزت رأسها بإيجاب في وجه مشرق وابتسامة عريضة خجلة ثم وجدها تمسك بكفه وتسحبه معها للداخل وتلحق بهم ميرفت 
طوال طريق عودتهم وهي تتابع الطريق من الزجاج بسكون لا تنظر له عن طريق الخطأ حتى بينما هو فكان من آن لآن ېختلس النظر إليها بحب أعين بائسة وعابسة وحين يبعد أنظاره عنها تكون مصحوبة بزفيرا عاليا يطلقه في حنق 
توقفت أخيرا سيارته بالساحة المخصصة لها داخل المنزل ففتحت الباب ونزلت لتسير بخطوات شبه سريعة للداخل ومن ثم صعدت
تم نسخ الرابط