روايه لم يبقي لنا الا الوداع منى أحمد حافظ

موقع أيام نيوز

كنت مقصرة مع ربنا بس الحمد لله رجعت انتظمت فالصلاة
والتزمت بالأذكار ومن امبارح وأنا حاسة بالراحة 
مد أمجد يده ورفع وجهها نحوه وأردف
يعني مش هتتعصبي كل شهر وترمي الاختبارات وتخاصميني كأني السبب 
هزت رأسها بالنفي فابتسم قائلا
حيث كده يبقى تصالحيني على اللي حصل منك وتعتذري لي كمان 
احمر وجهها حرجا وأردفت
وبعدين يا أمجد عايزني أصلحك الضهر طب ما تخليها بالليل ونسهر سوا سهرة حلوة من بتوع زمان 
اسكتها أمجد بوضعه إصبعه فوق شفتيها وقوله
أنت تصالحيني دلوقتي وأنا أسهرك بالليل بعد ما أرجع من مشواري اتفقنا 
أومأت وهي تجذب رأسه نحوهها وهي تهمس له بمشاعرها نحوه 
8 انكسار 
عزمت على تنفيذ قرارها لابد أن ستصل لإجابة سؤالها رغم أنف الجميع واتجهت صوب مكتب أيمن وولجته دون إذن وجلست أمامه فنظر إليها بضيق وأشاح ببصره عنها قائلا
هو مش في باب يا آنسة تخبطي عليه الأول قبل ما تدخلي ولا البشمهندسة متعرفش حاجة عن الذوق
ابتسمت ببرود ووضعت ساقا فوق الأخرى وأجابته باستفزاز
عادي يا بشمهندس ما أنا وأنت تقريبا فحكم زمايل العمل وما أظنش أن زميلك كل ما يدخلوا المكتب يخبطوا عموما ليك عليا المرة الجاية أخبط المهم قولي القهوة اللي وقعت على التصميم كانت بوش ولا من غير وش 
اعتدل أيمن بمقعده ورمقها بضيق وزفر بقوة لمحاولتها استفزازه الواضحة وأردف
كانت بوش وسادة يا بشمهندسة 
ضحكت منار هازئة وصڤعته بقولها
ليها حق تقع أصل مينفعش تبقى بوش وأنت موجود
هب أيمن عن مكانه وصاح پغضب
جرى إيه يا بشمهندسة أنت جاية مكتبي تشتميني ولا إيه
وقفت منار أمامه ووضعت كفيها فوق سطح مكتبه وأردفت بجدية
لا أنا جاية أعرف منك اسم اللي زقك عليا علشان ترفض التصميم ولعلمك أنا مش همشي من هنا إلا لما تقولي وصدقني أنت لو متكلمتش أنا هطلع على مكتب البشمهندس سامر وساعتها هتلاقيه بيطلبك وهيعرف منك بطريقته 
ازداد تجهم وجهه إزاء إصرارها الغريب لمعرفة اسمه وټهديدها له وبادلها النظرات لبضع ثوان تأكد خلالها إنها لن تتراجع عن معرفة إجابة سؤالها مهما أراد فزفر بحنق وأردف
لو مصممة تعرفي يبقى توعديني إن الكلام اللي هقوله هيفضل سر بينا وأنك مهما حصل مش هتجيبي سيرة للمهندس سامر ولا هتدخليه ما بينا 
أومأت منار ووعدته ولاحقت وجهه بعيون وجلة وأحست بقلبها يرجف خوفا وحين اخبرها هويته تراخت ساقاها فدعمت جسدها بتمسكها بحافتي مكتبه وتمالكت نفسها فلا مجال لها لټنهار أمامه أو تتخاذل فامعنت نظرت إليه واقرت پألم
وأنا عندي وعدني ليك إن محدش هيعرف منى أي حاجة بس وأرجوك بلاش تحاول تبلغه وتقوله أني عرفت علشان ساعتها أنا مش هسكت إلا لما تترفد من هنا اتفقنا 
غادرت منار مكتبه بقلب منفطر وعادت إلى مكتبها المؤقت الذي فاجئها سامر به وجلست بتيه تشعر بتوقف عقلها حاولت منار عدم التفكير في الأمر ولكنها لم تفلح فقررت المغادرة وأثناء سيرها لمحها سامر فترك ما بيده ونادها ولكنها لم تنتبه لصوته إلا حين اعترض طريقها وحين تقابلت أعينهم أجفل من نظرات الحزن الواضحة بعينيها وأردف
مالك يا منار هو في حد هنا ضايقك ولا حاجة
هزت منار رأسها بالنفي وهتفت بصوت محشرج
ما فيش أنا بس مصدعة شوية فقلت أمشي 
أشار إليها سامر بمرافقته ولم تدر منار لما استجابت لدعوته وتبعت خطواته وجلست بجواره بسيارته واسندت رأسها إلى النافذة بجوارها وتاهت مرة أخرى بدائرة أفطارها بعد قليل صف سامر سيارته أمام أحد المقاهي فانتبهت وتطلعت حولها بحيرة وعادت بعينها إليه وسألته
أنا إيه اللي جابني هنا
منعها سامر من المغادرة وأصر على دعوتها لتحتسي برفقته القهوة فأطاعته بضيق وجلست أمامه بوجه متجهم فأشار إلى عبوسها وأردف
على فكرة أنت لو فضلت مكشرة كتير هتعجزي بدري دا غير إن الناس اللي قاعدين حوالينا ممكن يطلبوا لي الشرطة ويقولوا أني خطڤك 
رسمت منار ابتسامة واهية فوق شفتيها فسارع سامر قائلا
بصي هو أنا آسف بس بلاش تبتسمي وخليك مكشرة أحسن علشان التكشيرة طلعت أرحم 
حينها ابتسمت منار بحرج وأردفت
مش أوي كده يا بشمهندس عموما أنا بشكرك على الدعوة وبعتذر علشان فمود مش متظبط وأرجو إن حضرتك متخدش عني فكرة غلط يعني أكمني وافقت أجي معاك أصل أنا أول مرة أخرج مع حد غريب وبصراحة بابا لو شافني ولا أمجد مش هيعدوا الموقف على خير أبدا 
بهتت ملامحه لكلماتها الصاډمة فهو لم يأت إلى عقله أبدا أن يفكر بها بتلك الصورة فهو منذ رآها تجلس أمامه بمكتبه وأحس أنها سلبته جزء من عقله وقلبه لصالحها ولم يأت على خاطره قط أن يفكر بها بتلك الطريقة أبدا ليس لإعجابه بها ولكن لأنه شخص تعود طوال حياته ألا يرمي أحدا بظنون باطلة وزاده سوءا ذكرها اسم أمجد بحديثها فأردف بغيرة طفيفة
على فكرة أنا عمري فحياتي ما حكمت على أي شخص من مقابلة ولا تصرف عموما لما تتعاملي معايا هتعرفيني بشكل أوضح أما بالنسبة لوالدك فأنا
مستعد أكلمه وأوضح له سبب مقابلتنا علشان أرفع عنك الحرج 
حمحمت منار بحرج فهي للحظة لا تعلم كيف تفوهت بتلك الكلمات فاعتذرت قائلة 
أنا بعتذر لحضرتك واضح إن حالتي المزاجية مأثرة عليا ومخلياني أقول كلام بايخ ياريت حضرتك متزعلش مني 
لم يشأ سامر أن يضيف عبأ أخر عليها فملامحها تخبره بأنها تمر بظروف سيئة فابتسم لها محاولا التغاضي لتهون الأمر على نفسها وأردف
ولا يهمك المهم إني كنت حابب تصميمي لنا نموذج جديد لملامحق سكنية تكون بسيطة وتكلفة الإنشاء فالمعقول 
أومأت وعلى ثغرها ابتسامة وأردفت
إن شاء الله بس حضرتك هتحتاجه على أمته علشان أشوف وقتي والدراسة وكده 
أخبرها سامر بالتأني وترك لها مهلة مفتوحة دون قيود وأردف
أنا أسف لسؤالي بس واضح إنك مرتبطة بوالدك بدرجة كبيرة على كده عندك أخوات غير أمجد 
احمر وجهها وأجابته بارتباك
لا أمجد مش أخويا دي
خطيبي ومكتوب كتابنا وهنتجوز بعد ما أخلص الكلية إنما أخويا فاسمه أحمد وعندي أربع أخوات بنات 
تلاشت ابتسامته وحاول أن يخفي خيبة أمله فهو لم يتوقع أن تكون مرتبطة فعقب بقوله
آه أنا بعتذر أصلي افتكرتك مش مرتبطة علشان مشفتش الدبلة فأيدك فقلت إن أمجد يبقى أخوك عموما مبروك يا بشمهندسة 
رفعت منار يدها أمام وجهها وحدقت بإصبعها الملتهب وأردفت
الله يبارك فحضرتك ولو على الدبلة فهي للأسف عملت لي حساسية واضطريت أقلعها علشان العلاج 
أومأ سامر وأشاح بوجهه عنها ليخفي حزنه فهو سمح لنفسه أن يحلم بها والآن بات حلمه محرما فهي لآخر وعليه احترامه زفر ليتمالك أمره والټفت إليها وأردف
وأمجد على كده زميلك فالكلية ولا فكلية تانية
هزت منار رأسها بالنفي وأجابته بعبوس
لا أمجد متخرج من هندسة القاهرة من زمان وبيشتغل في مؤسسة علم الدين 
عقد سامر حاجبيه وهو يفكر بصاحب الاسم وهز رأسه بالنفي فأمجد الذي يعرفه متزوج من ليان علام ولا يمكن أن يكون هو الشخص نفسه الذي تتحدث عنه فكاد يسألها ولكنه تراجع كي لا يساء فهمه اختلست منار النظر نحوه وأحست ردة فعله أنه يخفي أمرا ما عنها فجأة ارتجفت وأحست بنغزة باردة تصفع قلبها ولم تدر لما أدارت وجهها وحدقت بعينه ورسمت على شفتيها ابتسامة بلهاء وهي تخبره
تعرف يا بشمهندس أنا كان
ممكن من أول يوم ليا فالكلية أقول إني مرات أمجد المشير علشان أسهل أموري زي باقي زمايلي ما عملوا لكن أنا محبتش أعمل كده وقلت إني لازم أثبت لنفسي وللكل أني مش محتاجة واسطة بس الحاجة الغريبة إن من أول سنة وأنا بقابل اضطهاد غريب زي ما يكون كان في حد بيحاول أنه يوقف خطواتي ومش عايزني أثبت وجودي فالكلية وللأسف اتعرضت لظلم كتير وفكل مرة كنت بحبط فيها كنت بفكر استغل صلتي بأمجد لكن كنت برجع تاني وأقول أكيد ربنا مش هيضيع تعبي وفعلا ربنا عوضني لما قلت أني مش هتكلم عن صلتي بأمجد لكن هدافع عن حقي فجيت وقابلت حضرتك والحمد لله ربنا كافئني والحقيقة ظهرت والتصميم اللي شاركت بيه فالمسابقة فاز 
لم ينتبه سامر لحديثها فقد تبلد عقله أمام ذكرها اسمه زوجها كاملا وأخذ يحدق بملامحها لا يصدق أن تكون منار زوجة ثانية لأمجد لاحظت منار صډمته وكادت تسأله ولكنها تراجعت وأحست أنها أكتفت من المفاجأت وقررت الانصراف ونظرت إلى ساعة يدها ووقفت بحرج وأردفت
أنا آسفة يا بشمهندس بس الوقت عدى وأنا مش حابة أتأخر فأسمح لي أمشي 
أومأ بتفهم وسار بجوارها بقلب منكسر إلى الخارج وأشار لسيارته لمرافقتها إلى منزلها ولكنها رفضت بإصرار وغادرته بوجوم وجلست داخل إحدى السيارات تفكر بأمر تعبيرات وجهه الغريبة وردة فعله حين أتت على ذكر أمجد وازداد وجومها وزفرت قائلة
أنا لازم أفهم في إيه بالظبط بيدور من حواليا وعرفاه
طلبت منار من السائق تغيير وجهته إلى أخرى بديلة وبداخلها تعاظم توترها فتلك زيارتها الأولى لمقر عمل أمجد الذي حذرها مرارا من الاقتراب منه تحت أي ظرف والآن هي لا تعلم كيف ستكون ردة فعله حين يراها أمامه ولكن مهما كانت استجابته عليها مواجهته
ووضع حد لشكوكها صف السائق سيارته أمام بوابة المؤسسة الخارجية فغادرتها منار باضطراب ووقفت للحظات يحثها عقلها على التراجع ولكنها التقطت أنفاسها بقوة وخطت إلى الداخل فأوقفها أحد رجال الأمن فابتسمت بحرج وأردفت
بعد أذنك كنت عايزة أقابل البشمهندس أمجد المشير 
لو مافيش أي مواعيد سابقة يبقى حضرتك ممكن تدخلي للسكرتيرة بأول دور وهي هتقولك على التفاصيل 
أومأت منار بابتسامة مماثلة لخاصته وتبعت ارشاداته حتى توقفت أمام مكتب السكرتيرة وقرأت اسمها المدون باللوحة فوق سطح مكتبها وطلبت منها رؤيته فبادلتها سميرة الابتسامة باحترام وأردفت
البشمهندس النهاردة عنده اجتماع وللأسف الجدول مزحوم جدا ومش هيقدر يقابل أي
حد بدون ميعاد سابق فلو ممكن تسيبي بياناتك وأول ما المهندس جدوله يسمح بالمقابلة هنتصل ونبلغك بالميعاد 
بهتت ملامح منار وتساءلت عن أي اجتماع وجدول تتحدث وقد أخبرها أنه يعمل بمكتب يضم ضمن مئات المهندسين فنظرت إلى وجه سميرة وعقبت بحرج
أنا آسفة بس الظاهر إن حضرتك فهمتيني غلط أنا أقصد المهندس أمجد المشير هو بيشتغل هنا في المكتب الهندسي بس الظاهر اختطل 
قاطعتها سميرة بعبوس طفيف قائلة
حضرتك المؤسسة مفيهاش إلا المهندس أمجد المشير مدير المؤسسة ونسيب دكتور علام 
يتبع
رواية لم يبق لنا إلا الوداع الجزء الخامس بقلم منى أحمد حافظ
نزل القول على سمع منار وكأن سميرة أخبرتها نكتة هزلية فكادت ټنفجر ضاحكة ولكن أمام جدية ملامح سميرة ازدردت لعابها وسألتها بصوت متلعثم وهي تدعو الله أن يخيب ظنونها
هو البشمهندس متجوز بنت الدكتور علام
أكدت سميرة قولها بهزة طفيفة من رأسها وهي تشيح بوجهها عنها وتلتقط سماعة الهاتف تقول
عم شعبان أعمل فنجان قهوة مظبوط للبشمهندس ووديه اوضة
تم نسخ الرابط