روايه سجينه جبل العامري بقلم ندا حسن

موقع أيام نيوز


به متخليا عن الجميع لأجل أن يسير في طريق نظيف
أنت راجل القانون اللي مكانش عاجبك حالهم
تابعها وهو يرى سخريتها الممېتة منه ألا يحق له أن يكون رجل ناجح نظيف برئ من كل التهم المنسوبة إليه ألا يحق له أن يكون شاب يسير في دروب الحقيقة والعدل! لقد وقع في طريق الظلام عنوة عنه وعندما أراد الخروج ترك ما يحبه ويبغاه

اديكي قولتي راجل القانون
أشار إلى نفسه بحدة كبيرة يتحدث بقسۏة وغلظة يخرج النيران الحبيسة داخل أعماقه منذ الكثير من السنوات ينتظر أن تعبر عن رضاها عما فعله
لازم تبقي فخورة بيا لازم تحسي إن ابنك مافيش زيه أنا حميت ناس كتير ووقفت مع ناس كتير أنا مستني نظرة رضا منك عن كل اللي عملته
صمتت قليلا تنظر إلى الأرضية تبعد عيناها عنه تتذكر كل شيء مر عليهم منذ سنوات وكأنه حدث بالأمس يمر أمامها شريط سريع لكل شيء ولكن قلبها يقول غير الذي حفظته عن ظهر قلب يقول إنها خسړت اثنان وبفضل الوحيد المتبقي جعل رائحة الراحل معها وأتى بابنته إليها ليفعل كل ما يرضيها أتى بها بالحب والحنان وأصبح والد آخر لها أتى بها إلى جدتها لتشعر بأن ولدها مازال معها وهو في الحقيقة تركها منذ زمن 
تنهدت زافره الهواء بهدوء ونظرت إليه بعد أن فكرت في حديثه لدقائق بسيطة ينتظر بها ردها الفاصل لكل ما فعله
وأنا راضية عنك يا جبل مهما عملت صحيح أنت ذكي ومخلتنيش أشك فيك ولا مرة بس كنت حاسه أنك بتعمل حاجه صح 
ابتسمت بحب قائلة وهي تقترب تضع يدها تربت على فخذه
ربنا يرضى عليك
ابتسم بارهاق وهو ينظر إليها پضياع لو تعلم أن والده كان على قيد الحياة منذ سبع سنوات واليوم حتى لقى حتفه على يد طاهر لو تعلم أنه هو الذي طلب منه إخفاء هذه الحقيقة لو تعلم أن الجالس أمامها ېموت قهرا روحه ټنزف ألما وقلبه يبكي بدلا من عينيه الظاهرة للجميع دماء 
تنهد بعمق محاولا الثبات أكثر تركها وصعد إلى الأعلى غير مصدقا أنه وصل إلى باب الغرفة فتح الباب وولج إلى الداخل لينظر إليها نائمة على الفراش يبدو أنها تغط بنوم عميق فالصباح أشرق منذ القليل 
تنهد للمرة التي لا يعلم عددها وهو يشعر بالعجز دالفا إلي الداخل يجلس على الفراش يعطيها ظهره 
وجد من يحيطه من الخلف فاستدار ينظر إليها ليجدها جلست على الفراش تغمره لا يدرى متى استيقظت فسألها باستغراب
كنتي نايمة
حاوطته بيدها وغمرته بقلبها تجيبه بهدوء تحاول أن تزيل النعاس
لأ أنا صاحية لحد من شوية بس غفلت كلمتك كتير أوي موبايلك كان مقفول
تابعت مظهره الغير مهندم وملابسه المتسخة غير مظهره الذي لا يوحي بالخير فتفوهت مستفسرة
عملت ايه مال شكلك والأمان تجعله يشعر بأنها جواره في كل الأحوال تنتظر
الحديث لتستطيع أن تخفف عنه وتواسيه وهو هكذا فقط تربت على أحزانه ونظراته المنكسرة لا شيء غير ذلك فقط تنظر إلى ما يصدر عنه تشعر بأن هناك حمل ثقيل يحمله وحده فوق أكتافه ويبدو أنه أكبر بكثير من المرة السابقة 
إلى هذه الدرجة تخلل الحزن قلبه وتغلب عليه الألم والقهر إلى هذه الدرجة لم يعد قادرا على التحمل ليلقي كل آلامه هنا بين أحضانها صامتا لا يخرج منه شيء سوى أنفاس وعبرات محترقة لا يسمح لها بالخروج أبدا مهما حدث 
بعد وقت آخر مر وهو على نفس الحال رفع وجهه إليها بعدما شعر أنه أصبح أفضل من ذي قبل ينظر إليها پألم تنساب الحړقة من عيناه دون أي مجهود منه ليصل إليها 
سألته واضعه يدها أعلى كف يده على الفراش تضغط عليه لتشعره بوجودها
ايه اللي حصل
تنهد بعمق ناظرا إليها بسخرية
ايه اللي حصل سؤال بسيط بس الإجابة صعبة أوي يا غزال
ابتسمت بهدوء قائلة برفق
هسمعك
زفر الهواء بحدة وعاد للخلف يستند إلى ظهر الفراش ينظر إليها ثم بدأ في الحديث يقص عليها كل شيء من البداية بعد أن انكشف سره إلى الجميع لما هي لا
أبويا هو اللي كان تاجر سلاح بيساعده يونس يونس اللي طمع في الفلوس والجاه والغنى وأنه يبقاله كلمة مسموعه وسط الناس كبرها في دماغه ووسع نشاطه بقى أكبر تاجر سلاح في البلد 
كانت تستمع إلى حديثه بعينان دامعة وقلب ېنزف كرها إلى هذه الدرجة كانت غبية مخدوعة به إلى هذه الدرجة مر عليها سنوات معه ولم تستطع أن تفهم ولو مرة واحدة أو تشك بأنه يفعل أشياء غير قانونية يطعمها هي وابنتها بمال محرم مغطى بدماء الكثير من الأبرياء ودوما كان يحذرها من جبل وكأنه هو الذي يأخذ مكانه وذلك البرئ يونس لا يوجد مثله رجل وقور مثقف ومهذب! 
شعر بما تفكر به ورأى نظرة الألم والحسړة مرتسمة على عيناها الدامعة ليكمل بجدية حزينة ونبرة خاڤتة ساخرة
محسوبك كان محامي كان حلمي إني ابقى محامي أدافع عن المظلوم وابقى عادل وأدين الظالم محسوبك كل الناس وقفت ضد رغبته أولهم يونس وأبويا بس بعدين أبويا وافق قالك علشان لما يقعوا أنا الحقهم 
تابعته وهو يتحدث وتعمقت في حديثه تتذكره وهو حاكم عادل بين الجميع يأخذ بالٹأر من الظالم ويرد للمظلوم حقه أكمل بجدية وهو ينظر إلى الفراغ
كتير حاولت ابعدهم عن الطريق ده ولما يأست حاولت أنا أبعد 
رفع بصره إليها خجلا عيناه تمطر عليها نظرات الخيبة ليكمل بصوت خاڤت
بس أبويا أبويا اتمسك متلبس واټصاب كان بېموت بس مماتش وأنا مقدرتش أعمله حاجه لما حس أن حياته بتروح وفهم أن اللي عمله كان أكبر غلط في حياته اعترف اعترف على نفسه 
اسطرد يكمل بحزن تخلل داخله ووصل إلى أعماق قلبه
اعترف بكل حاجه عملها ومكانتش تجارة سلاح بس خد مؤبد كل ده ومحدش يعرف غيري أنا أنا بس
قطبت جبينها عليه مضيقة عينيها تتسائل داخلها كيف حدث كل هذا وهو الوحيد الذي يعلم! خرج السؤال من بين شفتيها باستغراب
إزاي
تفوه بجدية وإيجاز
ماټ قولنا إنه ماټ
سألته مرة أخرى باستغراب أكبر لا تفهم ما الذي يقوله ولا تستطيع أن تستوعبه ويوافق به عقلها
إزاي الكلام ده أتصدق
أومأ برأسه يتفهم أن ما يقوله صعب التصديق ولكنه بالفعل ما حدث يكمل بصدق وهدوء
هنا في الجزيرة الكلمة اللي أنا بقولها هي اللي بتبقى الحقيقة أبويا اتحبس بره الجزيرة وطالما بره الجزيرة مستحيل حد يعرف ده غير أن أنا كنت متفق مع الحكومة
لا يقف عقلها عن إلقاء الأسئلة عليها وبدورها هي تخرجها من شفتيها تعرضها عليه لتلقى منه إجابة مقنعة
إزاي اشتغلت معاهم وأنت ابن تاجر السلاح
نظر إليها للحظة بعمق وجدية شديدة لتخرج الكلمات من بين شفتيه بحدة
أنا اللي بلغت عنهم
نظرت إليه بقوة اتسعت عينيها من أثر الصدمة التي ألقاها عليها بمنتهى الجدية والثبات وكأن ما قاله أمر عادي قابل للتصديق والصمت من بعده 
ابتسم على نظرتها نحوه ولكنه أكمل بجدية
من بعدها شغلي كان مع الحكومة سري لأبعد حد لحد النهاردة محدش يعرف إني بلغت غيرك أنتي بس حتى عاصم مايعرفش
وجدها مازالت تنظر إليه نفس تلك النظرة الغريبة كليا وكأن عقلها لا يصدق ما قاله فسألها بخفوت ورجاء ينبعث في نبرته ألا تشعره بالذنب
أنا غلطت
ابتسمت وهي تقترب منه تقبض على يده بقوة تنظر إليه بابتسامة كبيرة لا تصدق أنه فعل هذا ويشعر بأنه المخطئ بعد كل ما قدمه إليهم مازال يشعر أنه المخطئ قالت برفق وهي تضع يدها على وجنته تمررها برفق
لأ يا جبل مغلطتش أنت عملت اللي عليك يا حبيبي حاولت تبعدهم عن الطريق ده ومعرفتش انتمائك لبلدك وحبك ليها هو اللي خلاك تعمل كده كرهك للظلم هو اللي خلاك تعمل كده
قال بخفوت وحزن
كتير من الأوقات بحس بالذنب
أومأت إليه برأسها بالرفض الشديد لما يقوله متحدثة بصراحة وقوة
ماينفعش تحس بالذنب أنت صح 
نظرت
إلى أعماق عيناه الخضراء تتذكر ذلك الۏحش الذئب البشر الذي قابلته عندما أتت إلى هنا وتحملت منه ما لا يتحمله أحد لينقلب في لمح البصر إلى آخر غيره تماما لا يشبهه بتفصيله واحدة 
إزاي قدرت تعمل كده أنا مشكتش ولا لحظة من وقت ما جيت الجزيرة أنك تكون حد تاني للدرجة دي أنت كنت شخص غير اللي قدامي مش قادرة اشرحلك أنا كنت بشوفك إزاي
رفع كف يده يحتضن يدها بأنامه الغليظة التي تمررها على وجنته ينظر إليها بحزن ورجاء يتابع بندم خالص لها ونبرته مرهقة تخرج بطريقة تحزنها هي
أنا آسف آسف على كل اللي عملته عارف إني غلطت فيكي كتير بس أنا أنا أول يوم بينا كان لازم أعمل كده معاكي علشان تعرفي إني مش سهل متشكيش فيا ولا تحسي إني حد تاني كان لازم أخاف منك وابقى حويط حتى لو عارف إنك متقدريش تعملي حاجه الغلطة كانت هتبقى بمۏت الكل
أومأت إليه برأسها وفرت دمعة من عينيها وهي تتابع حديثه
أنا سامحتك خلاص بلاش نتكلم في الموضع ده
أكملت بجدية تتوق لمعرفة ما الذي حدث بعد ذلك
كملي اللي حصل
أخذ نفس عميق وزفره بحدة يكمل متذكرا ما حدث وكأنه كان بالأمس
يونس ماټ وأبويا ماټ وتمارا مشيت وسابتني اتخلت عني لما لقيتني بخسر ومهزوم ومش عارف أقف مرة واحدة وأنا اشتغلت وبقيت زي ما أنتي شايفه دلوقتي الكل فاهم إني تاجر سلاح حتى أهل الجزيرة كانوا بيساعدوني ويقفوا جنبي الاتفاق كان سري لدرجة أن لما كان بيجي حملة تفتش هنا كانت بتبقى حقيقية وكان أهل الجزيرة بيساعدوني اخفي السلاح 
شعر بارتياح قلبه بعدما أفرغ تلك الشحنة الغليظة التي كانت تتكأ عليه تود الفتك به قال بنبرة جدية ثم حزينة للغاية
لحد ما أنتي جيتي وشوفتي كل حاجه لحد ما طاهر قتل أبويا امبارح في السچن
اتسعت عيناها أكثر پصدمة كبيرة تتذكر ما استمعت إليه منه في الأمس
ايه
أومأ برأسه يكمل شاعرا بأنه تجرع الأسى أضعافا من تلك السهولة التي تخرج الكلمات بها
ماټ امبارح وطاهر اتقبض عليه وأنا وعاصم ډفنا أبويا هنا في الجزيرة من غير ما حد يعرف
فرت الدمعات من عينيها حزنا عليه تنظر إليه باستغراب تام واجهشت بالبكاء تنظر إليه بضعف وقلة حيلة قائلة
أنت إزاي مستحمل كل ده لوحدك
اقتربت منه سريعا ترتمي بأحضانه تجذبه ناحيتها تأخذ منه القدر الكافي من الحزن والأسى حتى تجعله سعيدا تأخذ منه الشقاء والعناء الذي شعر به وهو وحده بين الجميع يدافع عن الحق مسلوب الإرادة ثم أصبح مرة واحدة ودن سابق إنذار ذلك الخارج عن القانون وهو الذي يحميه 
كانت ذكية في كل المرات
 

تم نسخ الرابط