فإذا هو القلب
محتار هاتكون اختفت فين تسارعت دقات قلبها حتى كادت تصم أذنيها من حدتها وجاهدت ألا ت صوتا حتى لا ينتبه أحدهما لوجودها وضعت يدها على فمها لتكتم صوتها وتابعت ما يدور بينهما من حديث بحذر شديد. أردف السائق قائلا بجدية جايز تكون دخلت هناك! تساءل منذر بعدم اقتناع ايه اللي هيوديها المشحمة رد عليه السائق بنبرة شبه متأكدة جايز تكون بنت حد من اللي شغالين فيها أو تبع حد فيهم رد عليه منذر باقتضاب احتمال! ساد صمت مؤقت بينهما لثانية أن يهتف منذر بجدية شديدة تعالى ناخد بصة هناك ونتأكد! اللي تشوفه يا ريسنا ماهو البت دي لازم تعرف إن الحركات ال...... ماينفعش تتعمل معايا أنا بالذات أغمضت أسيف عينيها بقوة وهي تكاد ټموت هلعا في مكانها انتظرت لبرهة أن تفتح الباب ببطء شديد تنفست الصعداء لرحيلهما بعد أن اختلست النظرات نحو الخارج. ركضت عائدة إلى سيارة الأجرة فعاتبتها والدتها لتأخيرها قائلة تغراب كل ده يا أسيف تلفتت هي حولها بتوتر شديد لتتأكد من عدم وجوده حولها مرددة بنبرة مرتبكة م.. معلش كنت تعبانة شوية! أشارت لها بكفها قائلة بصوت مرهق طب اركبي ح.. حاضر قالتها أسيف وهي تهز رأسها پخوف واضح ثم ركبت سريعا في المقعد الخلفي. كان السائق قد انتهى تقريبا من إصلاح عطل سيارته فزفر بصوت مسموع هاتفا أخيرا اليوم كان باين من أوله أغلق الغطاء الأمامي ثم صاح بنبرة عالية مبررا سبب تأخيره لامؤاخذة عطلتكم معايا بس هاعمل ايه أديكو شايفين العربية واللي جرى ردت عليه حنان بابتسامة ودودة اتوكل على الله يا بني حصل خير! وبالفعل استقل السائق سيارته وبدأ في إدارة محركها ليتحرك بها نحو وجهته متعمدا الإبطاء من سرعتها كي يتأكد من كفاءة عمل المحرك استعادت أسيف هدوئها وبدأت تتنفس بإنتظام حينما شعرت بحركة السيارة. كورت أع كفها بحركة متوترة ثم مالت بجسدها للجانب نحو نافذتها حانت منها التفاتة سريعة للخلف وهي تطل برأسها منها لتتأكد من ابتعادهم عن ذلك الغاضب المتذمر في نفس التوقيت كان منذر وا على مقربة من منطقة غسل السيارات راقب للحظات حديث السائق مع أحد العاملين بها ضجر من وجوده بالمكان ومن ذلك الوقت الذي ضاع هباءا بلا أي جدوى. أخرج هاتفه من جيبه ليعرف التوقيت فزفر منزعجا لتأخره عن وقته المحدد بكثير أعاد وضع هاتفه في جيبه ونفخ بغيظ مرددا من بين أسنانه اتعطلت على الفاضي! الټفت برأسه للخلف عفويا للجانب ليحدق في السيارات السائرة فوقعت عيناه الثاقبتين مصادفة على سيارة الأجرة التي مرت على مسافة قريبة منه بالطبع كانت السيارة مميزة لكونها تحمل مقعدا متحركا على سقفيتها علقت أنظاره بالنافذة الخلفية حينما لمح فتاة ما تجلس بالخلف أمعن النظر أكثر فيها فارتفع حاجباه للأعلى في صدمة واضحة. تمكن منذر من رؤيتها كمرأى العيان وهي تمرق بجواره ناظرة إليه من نافذتها ارتسمت علامات الاندهاش الممزوجة بالتجهم على محياه تجمدت أنظار أسيف عليه وانفرجت تاها بذهول مخيف لقد رأها بالفعل وتأكد منها. بدت كمن أصيب بالشلل المؤقت فعجزت عن التحرك أو الابتعاد تركت له الفرصة للتدقيق في ملامح وجهها أكثر وبالطبع لم تخلو نظراته نحوها من الشراسة والڠضب. شعر منذر بالحماقة والغباء الشديدين فقد تمكنت تلك الطائشة من خداعه لوهلة ليبدو كالأبله أمام نفسه وأمام الأخرين وهو يبحث عنها بلا جدوى وها هي الآن تمر من جواره دون أن يتمكن من الوصول إليها. سيطر عليه احساس بالفشل وخيبة الأمل. قبض كف يده بعصبية شديدة وبرزت عروقه الغاضبة من ه. زادت سرعة السيارة واختفى شبحه المرعب من أمامها لكن بقيت نظراته المحتدة عالقة في ذاكرتها تراجعت بجسدها للداخل وانكمشت على نفسها أكثر. اضطربت أنفاسها وزادت دقات قلبها من خۏفها. راقبها السائق من مرآته الأمامية وسألها مستفهما بفضول بعد أن لاحظ تبدل حالتها في حاجة يا آنسة التفتت حنان برأسها للخلف لتنظر إلى ابنتها بقلق بعد سؤاله الغريب هذا وسألتها هي الأخرى بتوجس مالك يا أسيف في حاجة فيكي وزعت أنظارها الزائغة بينهما وأجابت بصوت خاڤت وشبه متحشرج م... مغص تاعبني شوية أكيد من أكل الشارع! قالتها والدتها بحسن نية ظنا منها أن ابنتها ربما أصيبت بتلبك معوي بسبب تناولها الطعام الفاسد. أضاف السائق بجمود ألف سلامة لو قابلنا صيدلية في طريقنا ممكن أقف وتنزلي تجيبي دوا منها ابتلعت أسيف ريقها وهي تجيبه ممتنة متشكرة شوية وهايروح عاتبتها والدتها قائلة بضجر قولتلك من الأول ماتكليش من برا محدش عارف الأكل بيعملوه إزاي وبيحطوا فيه إيه هزت رأسها بإيماءات خفيفة ومتتالية وهي تضيف بحذر هابقى أخد بالي بعد كده يا ماما تابع السائق قيادته للسيارة حيث العنوان المطلوب بينما ظل بال أسيف مشغولا بشبح ذلك المخيف الذي أضيف إلى قائمة أسوأ كوابيس يقظتها. أسندت عواطف صينية المشروبات الباردة وأطباق الحلوى على المائدة التي تتوسط غرفة الصالون هاتفة بنبرة مرحبة لضيفتها السيدة جليلة وابنتها الصغرى أروى تونا! البيت نور بوجودكم فيه ردت عليها جليلة مجاملة منور بأصحابه يا عواطف تابعت عواطف قائلة بنبرة ودودة وقد اتسعت ابتسامتها المشرقة اتفضلوا دي حاجة بسيطة صحيح مش من مقامك بس..... قاطعتها جليلة مرددة بتهذيب متقوليش كده دايما عامر يا رب! ابتسمت عواطف أكثر وهي تقول بحسكم يا غالية! ولجت نيرمين إلى داخل الغرفة لترحب بالضيفة التي تعد في مثابة خالتها. هتفت قائلة بحماسة سلامو عليكم ازيك يا خالتي نهضت جليلة من مقعدها لترحب بها قائلة وعليكم السلام ازيك يا نيرمين عاملة ايه يا حبيبتي احتضنتها بذراعيها ثم تها من وجنتيها عدة مرات مرددة الحمدلله! سألتها جليلة باهتمام وهي تعاود الجلوس على الأريكة اخبارك ايه وازي جوزك اكفهرت ملامح وجه نيرمين وحل الع عليها وهي تجيبها متجهمة متشوفيش وحش يا خالتي إحنا اتطلقنا وخلاص معدتش في راجعة بينا! اتسع جليلة بشهقة عالية وردت پصدمة واضحة وهي محدقة بها يا ساتر يا رب اتطلقتوا تاني! صححت لها نيرمين عبارتها قائلة بنبرة مزدرية قولي تالت! هزت جليلة فمها للجانبين مستنكرة حدوث الانفصال بينهما ثم تساءلت بفضول طب ليه يا نيرمين أجابتها بتنهيدة منزعجة وهي تشير بعينيها نحو الصغيرة الجالسة وسطهن موال كبير هابقى أحيكهولك بعدين يا خالتي! تفهمت جليلة تها في عدم الحديث خاصة أن أروى تصغي إلى حوارهن بإنتباه كبير. هزت رأسها إيجابا وهي تردد مواسية ربنا يعوض صبرك خير! أضافت نيرمين قائلة بسخط وقد انعقد ما بين حاجبيها ليزيد من حالة الوجوم المسيطرة عليها الحمدلله على كل حال هو مايتبكيش عليه الصراحة! اختنقت نبرتها قليلا وحاولت أن تحافظ على جمودها أمام ضيفتها. أرادت جليلة أن تلطف الأجواء قليلا فهتفت بنبرة متفائلة وهي تشير بيدها مافيش واحدة بتقعد بكرة ربنا يرزقك بالأحسن ابتسمت نيرمين لها قائلة بتصنع ربنا موجود أخد حقوقي بس وبعد كده أشوف هاعمل ايه! هتفت أروى قائلة بتهذيب وهي تبتسم لنيرمين ينفع ألعب مع النونة يا أبلة مسحت نيرمين على رأسها برفق مجيبة إياها بلطف اه يا حبيبتي خشي الأوضة شوفيها لو صحت العبي معاها! هبت أروى واقفة في مكانها مرددة بحماس حاضر! ثم ركضت إلى خارج الغرفة وهي تقفز بسعادة.. صاحت عواطف قائلة بإعجاب وهي تتابعها بأنظارها ماشاء الله أروى كبرت وبقت عروسة أهي ردت عليها جليلة بتبرم اه بس مدوخاني في مذاكرتها! هزت عواطف رأسها بتفهم وهي تقول كل العيال كده! تحركت جليلة على الأريكة قليلا لتدنو منها ومالت بجسدها نحوها ثم هتفت بغموض وهي مسلطة بصرها عليها ماهو ده الموضوع اللي جيالك فيه توجست عواطف من اقترابها المثير للريبة وسألتها بقلق ظاهر خير يا ست جليلة أشارت جليلة بيدها في الهواء وهي تجيبها بهدوء بصي يا ستي أنا ابني دياب عاوز مدرسة تكون شاطرة وبتفهم تدي الواد ابنه يحيى! لم تفهم عواطف مقصدها بوضوح بدت نوعا ما مشتتة التفكير فسألتها مستفسرة أها بس ده ايه ته بينا تابعت جليلة قائلة بابتسامة متحمسة ما أنا جيالك في الكلام أهوو طيب ارتت جليلة القليل من المشروب ثم استأنفت حديثها قائلة بجدية احنا كلنا عارفين إن بسمة شغالة مدرسة في أبصر مدرسة كده فبصراحة ملاقتش أحسن منها تديه الدرس وتذاكرله! نظرت عواطف إلى ابنتها نيرمين مندهشة. فلم يسبق لعائلة حرب أن تطلب منها شيئا كهذا خاصة وأنهم يعلمون أن بسمة معلمة منذ فترة. بدت نيرمين متحمسة للفكرة ولما لا فالعائد المادي هنا سيكون مجزيا ومختلفا تماما عن الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي تدرس لهم أختها الصغرى. أضافت جليلة قائلة بمكر وهي تغمز بعينها وبالمرة تدي أروى معاه الحاج طه كان عاوز يديها درس واطمني هنحاسبها كويس احنا كرما! ردت عليها عواطف بنبرة مجاملة يدوم العز يا رب دي تديهم ببلاش من فضلت خيركم علينا! ابتسمت لها جليلة بلطف وهي تقول الله يكرمك! ثم تلاشت ابتسامتها نوعا ما وهي تسألها بجدية ها المهم ايه رأيك انتي ارتبكت عواطف قليلا فهي لا تعرف رد ابنتها عن تلك المسألة المفاجئة لا تنكر أنها خشيت أن تعتبر الموضوع متعلقا بكرامتها إن أعطتها وعدا لا تستطيع الإفاء به وهي متوجسة خيفة من ردة فعل عائلة حرب إن أخلف أحدهم اتفاقهم المبرم معهم لذلك حاولت أن تبدو دبلوماسية في ردها عليها وأجابتها بحذر مش عارفة الصراحة أقولك ايه الحكاية دي تخص بسمة وهي اللي تقول رأيها لأن انتي عارفة هي مشغولة يا حبة عيني لأخر اليوم! ردت عليها جليلة بصوت ثابت خليها تشوف مواعيدها كده وأهوو البيت قريب من البيت لا في مشاوير ولا پهدلة في المواصلات! ثم تعمدت أن تشير إلى الناحية المادية مجددا حتى تتمكن من إغرائها بالموافقة فأكدت قائلة بجدية وهي تن في جلستها وزي ما قولتلك دياب ابني والحاج طه هيراضوها كويس! لاحظت عواطف تحول اسلوبها للجدية والصرامة فهتفت بنزق انتي تؤمرينا أنا هاكلمها وأخليها تشوف نفسها وتفضيلهم ميعاد مخصوص هي هاتيجي لأعز منكم! ابتسمت جليلة لنفسها بغرور بعد أن وصلت لمبتغاها دون عناء وهزت رأسها هاتفة بثقة تسلمي يا حبيبتي ده العشم بردك! انتبه ثلاثتهن إلى صوت دق عڼيف على باب المنزل فاستداروا برؤوسهن نحو باب الغرفة. تساءلت عواطف بامتعاض وهي تنهض من مكانها ياختي مين اللي بيخبط على الباب كده هزت نيرمين كتفيها نافية وهي