فإذا هو القلب

موقع أيام نيوز


نيرمين ناحية والدتها وسألتها بجدية وقد سلطت أنظارها عليها صحيح يا ماما إنتي مش هاتكلمي المحروسة في موضوع بيع الدكان تناست عواطف تلك المسألة رغما عنها وانشغل عقلها بما حدث لابنة أخيها.. ففغرت فمها مرددة هه! الدكان! استطردت نيرمين حديثها قائلة بصوت جاد ومحذر في آن واحد احنا اتلهينا عنه بس مش عاوزين نخسر محبة سي منذر والحاج طه! تنهدت عواطف بإرهاق وهي ترد عليها مش وقته بعدين أبقى أكلمها! ألحت عليها نيرمين هاتفة بنبرة ذات مغزى وهي تغمز لها بعينيها حطيه بس في بالك خلينا نبيع ونستفيد وهي كمان هاتطلع من البيعة بقرشين حلوين يعني هاتكسب زينا ومش هتخسر! بينما أضافت بسمة بحماس اه وممكن نوضب البيت بالفلوس اللي هانخدها! استدارت نيرمين برأسها نحوها وردت عليها تصدقي صح عاوزين نركب بلاط جديد وتغير البوهية و.... قاطعتهما عواطف قائلة بتجهم ربنا يسهل بطلوا لت في الموضوع ده خلوه يكمل على خير! ثم حدقت أمامها بنظرات شاردة لتحدث نفسها بقلق هو حد عارف ايه اللي ممكن يحصل بكرة.!!!! عاد إلى منزله منهكا بعد يوم عمل أخر شاق ومرهق أوصد الباب خلفه واتجه إلى غرفته ليبدل ثيابه. لكن كعادتها استته والدته بترحابها الودود متسائلة ايه الأخبار يا بني أخذ منذر نفسا عميقا وزفره دفعة واحدة وهو يجيبها بصوت متعب الحمدلله اقتربت منه وربتت على ظهره وهي مبتسمة له. نظر لها بغرابة متسائلا بجدية شكلك عاوز يقول حاجة كده صح سألته بغموض وقد زاد وميض عيناها فكرت في اللي قوتلك عليه قطب جبينه متسائلا بعدم فهم ده اللي هو ايه عقدت ما بين حاجبيها مندهشة من تناسيه للموضوع وهتفت بنزق وهي عابسة الوجه تتجوز تاني بنت عواطف انت نسيت يا منذر تشنجت تعابيره مرددا بعصبية قليلة يا أماه أنا مش ناقص خانقة وضعت يدها على طرف ذقنها مستنكرة عبارته الأخيرة وهي تقول حد يقول على الجواز خانقة! زفر بصوت مسموع قائلا بامتعاض مش وقته يا أمي! انتي مش شايفة اللي احنا فيه! تشكل على ها ابتسامة بلهاء وهي تقول ما أنا عارفة ومقدرة! ثم تابعت قائلة بسذاجة بس عاوزاك تتأكد يا حبيبي إن البت كويسة ومتربية وكمان بتخلف يعني هاتضمن تجيب منها عيال إن شاء الله! انزعج هو من تلميحاتها الصريحة حول الإنجاب وتصلبت تعابير وجهه بشدة. ثم زفر قائلا بحنق وقد قست نظراته حاجة جليلة قفلي على الموضوع وخليني أشوف ورايا ايه! تفهمت عدم ته في الحديث ورددت قائلة على مضض براحتك يا بني! ثم طرأ بعقلها شيء ما فتساءلت بفضول ألا بالحق بنت أخو عواطف عاملة ايه انتبه لسؤالها باهتمام عجيب وتجمدت نظراته نوعا ما ثم أولها ظهره متحاشيا النظر إليها وفرك ذقنه قائلا بهدوء يعني من ده على ده تحركت خلفه قائلة بجدية أنا عاوزة أروح أعزيهم واسأل عليها! رد عليها بثبات وهو يسحب ثيابه من خزانة ملابسه براحتك بس خليها كمان يومين كده تكون البت راقت وفاقت من اللي هي فيه! أثارت جملته الأخيرة إهتمامها فقد بدت غامضة نسبيا وسألته بفضول وهي تتفرس تعابير وجهه هو حصلها حاجة أجابها بغموض أكثر وهو يغلق ضلفة الخزانة طيب لو عوزت حاجة نادي عليا هز رأسه بالإيجاب مرددا ماشي وقفت أمام تلك الصورة الفوتغرافية القديمة محدقة مطولا في ملامح وجهها دارسة تفاصيله عن كثب. برع المصور في تجسيد انعكاس شخصها. لم تكن عزيزة تبتسم فعليا بل كانت التواءة تيها قاسېة.. رأت فيها شموخا كبرياؤها يبرز في رفعها لحاجبها الأيسر وتعاليها بإباء يبدو في علو طرف ذقنها وكأنها تتعمد إيصال رسالة تحذيرية خفية لكل من ينظر إليها فلا يفكر يوما بالمساس بها. تأملت عيناها القاسيتان بحزن بادي عليها مخرجة تنهيدة عميقة من رئتيها. مسحت بيدها المجعدة على الإطار مزيحة أثار التراب العالق به ثم تنهدت مجددا قائلة لنفسها بإستياء ربنا يسامح يا أمي بناتي مخدوش منك إلا القسۏة والظلم! يا ريتهم طلعولي ولا طلعوا لأخويا كان.. كان زمانت حالهم بقى أفضل أخفضت رأسها متابعة بحزن ربنا عليه جبر الخواطر! حدقت في سقفية الغرفة بشرود تام فقد سيطرت هيبته على عقلها. قامت بلف خصلات شعرها المنسدلة على الوسادة بإصبعها وتنهدت بحرارة ما. مالت بجسدها للجانب محدثة نفسها بتمني يا سلام لو كنت أتجوزت واحد زيك! ثم اكفهر وجهها وهي تضيف بسخط كبير مش بدل الشبشب اللي اتحسب عليا! لكزتها بسمة في ساقها قائلة بصوت ناعس للغاية اتاخري شوية يا نيرمين أنا مش عارفة أنام ردت عليها أختها بتذمر يعني أقع على الأرض عشان ترتاحي زفرت بصوت مسموع هامسة بنبرتها الثقيلة يوووه أنا عندي شغل بدري فخليني أنعس طيب.. طيب قالتها نيرمين على مضض كبير وهي تغمض عيناها لتحتفظ بصورته في مخيلتها متعشمة أن تراه في أحلامها الوردية. بعد مرور يومين انتهت العاملة زهرة بالفندق المتواضع من التوقيع على ورقة استقالتها وقدمتها إلى مسئولي الإدارة ثم استلمت بعدها مستحقاتها المادية نظير عملها الفترة الماضية به. سألتها زميلتها بحزن عن سبب تركها للعمل ليه بس سبتي الشغل ردت عليها زهرة بضيق مصطنع مضطرية ياختي مقصرة مع العيال وأبوهم مش ملاحق يسد مكاني! وحلف بالطلاق لو ما أعدت من الشغل ليهرميني في الشارع أنا والعيال! يرضيكي بيتي يتخرب! لم تقتنع بحجتها الزائفة وأضافت بعتاب ما انتي كنتي أولى بالفلوس اللي بتطلعك والبقشيش كانوا بينفعوكي وزيادة! تنهدت قائلة بفتور تتعوض بقى هاشوف حاجة أعملها وأنا أعدة في البيت! هزت رأسها قائلة بضجر ربنا يعوضك! احتضنتها زهرة وهي تودعها بابتسامة باهتة يا رب أشوف وشك على خير! ضمتها هي الأخرى إليها وودعتها قائلة هتوحشيني ياختي! ابقي اسألي ردت قائلة وهي توميء برأسها من عينيا! سلامو عليكم وعليكم السلام ورحمة الله! ثم انصرفت بعدها حاملة كيسا بلاستيكيا يحوي ملابسها وعلى ها ابتسامة ماكرة. ومضت عيناها ببريق شيطاني خبيث فقد نفذت مخططها الذي رسمته مع زوجها بحرفية تامة وآن الآوان لتنعم بتلك الأموال التي سرقتها. أفاقت أسيف تدريجيا من حالة الحزن المسيطرة عليها وبدأت من جديد تندمج مع من حولها لكنها لم تقم بعد بفتح حقائب السفر وتوضيبها في ضلفة خزانة الملابس التي خصصت لها في غرفة بسمة. كانت تؤجل القيام بتلك الخطوة الصعبة حتى تستعيد رباطة جأشها فتقوى على فعلها دون أن يكون للأمر تأثيرا كبيرا عليها. سعدت عواطف لاستجابة ابنة أخيها لها وخروجها من عزلتها. وحذرت ابنتيها من عدم التمادي في أسلوبها المستفز معها. ونوعا ما تجنبت الاثنتان الحديث إليها إلا بكلمات مقتضبة. تها عواطف من وجنتيها وربتت على كتفها هاتفة بنبرة فرحة ربنا يكرمك يا أسيف أنا مش عارفة أوصفلك قلبي فرحان بيكي ازاي اكتفت أسيف بالإبتسام مجاملة لها لكن عواطف لم تكتف بهذا بل تابعت قائلة بحماس أنا عاوزة وشك الحلو ده يرجع ينور تاني! مش هاسيبك إلا لما تاكلي وتملي كده وتبقي قمر 14! انتبهت كلتاهما لصوت قرع الجرس فصاحت عمتها بإستغراب وده مين جاي السعادي هزت أسيف كتفيها قائلة بعفوية معرفش تحركت عواطف في اتجاه باب المنزل محدثة نفسها بضجر طبعا الهوانم اللي عندي سامعين ومطنشين بؤهم في ودان بعض وهاتك يا رغي امري لله هافتح أنا! بينما سارت أسيف عائدة إلى غرفتها المؤقتة لتمكث بها فهي على يقين بأن الضيف القادم لم يأت من أجلها. استت عواطف الحاجة جليلة التي جاءت لزيارتها لتقديم واجب العزاء في غرفة الصالون وهتفت قائلة بترحاب نورتيني والله يا حاجة جليلة تسلم رجليكي صافحتها الأخيرة بحرارة ومالت برأسها عليها لتها قائلة بنبرة مواسية البقاء والدوام لله أنا عارفة إني مقصرة في حقكم ردت عليها عواطف بود تعيشي يا ست جليلة أنا مقدرة والله كفاية جيتك النهاردة! تلفتت جليلة حولها متسائلة باهتمام أومال فين بنت أخوكي أعزيها أجابتها عواطف بلا تردد وهي تشير بكف يدها أعدة في الأوضة ثواني أندهالك من جوا! هتفت جليلة قائلة بجدية لو نايمة سيبها أمانة عليكي ما تصحيها! هزت عواطف رأسها نافية لالالا.. دي هي صاحية بس بتكسف وكده! ابتسمت جليلة مرددة ماشاء الله باين عليها متربية زي بناتك ردت عليها عواطف بتنهيدة إرتياح الحمدلله أضافت جليلة قائلة ربنا يباركلك فيهم اللهم أمين! قالتها وانصرفت مسرعة في اتجاه غرفة ابنتها لتستدعي أسيف لمقابلتها... في نفس التوقيت بغرفة نيرمين كانت الأختان جالستان بالة ترتان الشاي الساخن وتثرثران في توافه الأمور. انتبهت بسمة لصوت الجرس فأردفت قائلة باين الباب بيخبط! ردت عليها نيرمين بفتور وهي تسند قدحها في الصينية طب ما تقومي تشوفي مين! حركت بسمة ساقها قائلة بتثاقل رجلي منملة من الأعدة! عبست نيرمين بوجهها ورمقتها بنظرات منزعجة أن تقول بسخط انتي أصلا مابتعمليش حاجة للي بيطلبها منك! لوت بسمة ها قائلة بتأفف غير مكترثة برأي الأخرين فيها أنا كده واللي عاجبه بقى! ركزت نيرمين حواسها لتعرف هوية الضيف وانتفضت من جلستها قائمة صائحة بتلهف دي الست جليلة أم منذر! تجهمت قسمات وجهها وردت بامتعاض ياباي الست دي رخمة أوي استنكرت نيرمين ما قالته واعترضت بشدة بقى الحاجة جليلة بجلالة قدرها رخمة يا شيخي حرام عليكي دي من ولاد الأصول بتوع زمان! نفخت بسمة محركة كتفيها بعدم اكتراث وهي توضح سبب عدم ارتياحها لها معرفش أنا مش بأرتحلها بتفرض نفسها عليا وبأحسها مش واضحة كده وشكلها مياه من تحت تبن! ده أنا بأفكر أعتذر عن الدرس عشان خاطرها! حدجتها نيرمين بنظرات قوية قائلة بتصلب انتي مافيش حد بيعجبك اوعي خليني أقوم أسلم عليها! ضحكت بسمة بتهكم مرددة ماشاء الله فجأة كده بقيتي مهتمية بيها! ردت عليها نيرمين بع وهي تسرع في خطواتها مالكيش فيه! صاحت بسمة بصوت مرتفع متابعة إياها بنظراتها هنياله ياختي! دقت عواطف على باب غرفة بسمة دقة واحدة أن تدير المقبض وتفتحه لتلج إلى الداخل قائلة بعجالة أسيف حبيبة قلبي تعالي سلمي على الست جليلة! نظرت لها الأخيرة بحيرة ساءلة إياها بصوت هاديء مين دي اقتربت منها عمتها وجذبتها من ذراعها برفق لتجبرها عن النهوض وأجابتها باهتمام دي تبقى أم منذر ومرات الحاج طه ما انتي عارفاهم! تصلب وجهها نوعا ما عقب معرفتها لهويتها وشعرت بعدم الإرتياح لتلك المقابلة. شعرت بالغرابة والحرج فحاولت الاعتذار قائلة بتهذيب وهي تتملص من قبضتها مافيش داعي.... قاطعتها
 

تم نسخ الرابط