ادم

موقع أيام نيوز


انت انحدرت لمستوى صعب أوى يا آدم .. عارف ايه الحاجة الوحيدة اللى مصبرانى عليك
لم يجيبه آدم فأكمل قائلا 
اننا عشرة عمر وانى عارف ان اللى أدامى دلوقتى مش آدم اللى أعرفه .. اللى أدامى دلوقتى شيطان
الټفت آدم پحده وقد شعر بقوة الكلمة .. فأكمل زياد و هو يشير الى قلب آدم قائلا 
بس أنا واثق ان هنا لسه فى نقطة بيضا .. وانها هترجع تكبر تانى وتنور قلبه

تنهد آدم وقد شعر بإرهاق شديد .. ارهاق ذهني وبدني ونفسي .. ربت زياد على كتفه قائلا 
قوم ارتاحلك شوية
لم يكن آدم فى حاجة للإلحاح .. فقد كان فى أمس الحاجة للراحة بالفعل .. توجه الى احدى الغرف وألقى بنفسه فوق ال وأغمض عينيه واستسلم للنوم
ها هى ترى حلمها مرة أخرى .. النجيلة الخضراء التى تتراقص مع نسمات الرياح .. والشمس تغرب فى الأفق وتزين السماء بألوانها الحمراء والبرتقالية والصفراء .. وها هو فارسها ما على صهوة جواده .. فى عزم واصرار .. وها هى تبتسم وتستعد لإستقباله .. تستعد لأن تعطيه يدها ليجذبها خلفه وينطلق بها .. لكن ابتسامتها تلاشت والفرحة فى عينيها انطفأت عندما اقترب منها الجواد لتكتشف أنه .. جواد بلا فارس
استيقظت آيات فجأة .. وهى تنظر الى الغرفة حولها .. حاولت أن تتذكر أين هى وماذا تفعل فى هذا المكان .. شعرت بأنها نسيت الزمان والمكان .. شعرت بكل شئ وقت توقف .. حتى عقلها .. شعرت به وقد توقف عن العمل .. فجأة رأت وجه والدها يقترب منها ويتمتم 
الحمد لله .. الحمد لله
نظرت اليه فى دهشة .. لماذا يبكى .. أين أنا .. ماذا أفعل فى هذا المكان .. وأين آدم .. كان اسمه هو الشرارة التى أعادت عقلها الى العمل .. وأعادت ذاكرتها اليها .. آدم .. ذلك الحبيب الغارد الذى طعنها وتركها وسط دمائها وأشلائها ورحل .. بدأت فى النحيب و الأنين .. أسرع والدها لينادى الطبيب .. ليقدم دواؤه لصغيرته التى تتألم وتبكى قهرا .. اقترب الطبيب حاملا دواؤه .. ودت لو صړخت به .. لن ينفعنى دواؤك .. فچرحى ليس له علاج .. چرحى لن يندمل أبدا وان مر عليه ألف عام .. لا تتعب نفسك أيها الطبيب لن تجد لدائى دواء .. دائى هو طعنات غادرة بيد من أحببت .. ألمثل تلك الچروح دواء ! .. لا تتعب نفسك أيها الطبيب .. حتى وإن سكن أنيني وهدأ .. فلا تظن أنك نجحت فى علاجى وتقديم أسباب شفائي .. لأن أنين قلبي بداخلى لن

يسكن أبدا .. أغمضت عينيها من جديد بعدما سرى المهدئ فى أوردتها واختلط بدمائها .. أغمضت عينيها لتحلم مجددا بجوادها الذى فقد فارسه
وقف عبد العزيز ينظر الى ابنته النائمة بأعين دامعه وقلب مكلوم .. تنهد فى حسرة وهو يمسح بيده على رأسها فى حنان .. كانت وغزات الألم فى قلبه تتزابد حتى صارت غير محتملة .. وضع يده على قلبه ليوقف الألم اللعېن الذى تفشى فيه دون جدوى .. شعر بالإختناق وبتنميل فى أطارفه .. ضغط الزر فحضرت الممرضة تلبي النداء .. أجلست عبد العزيز بعدما رأت آثار التعب على وجهه .. ظل يعتصر صدره بيده وهو لا يقوى على شرح ما به من آلام .. أ الطبيب ليخبر عبد العزيز بضرورة عمل آشعة على .. القلب
استيقظ آدم على أصوات بالخارج .. استيقظ وجلس فى ال وهو ينظر الى بدلته التى مازال يرتديها و يتذكر أحداث الليلة الماضية والتى تمنى أن تكون كابوسا سيستيقظ منه بعد برهه .. نزل من ال وتوجه الى الخارج ليجد زياد يعد الطاولة بطعام الإفطار .. نظر اليه زياد قائلا 
انت لسه مغيرتش هدومك .. ادخل خد دش وتعالى افطر
امتثل آدم لكلام زياد الذى أحضر له ما يرتديه .. جلس آدم على الطاولة يلوك الطعام فى فمه دون أن يشعر بمذاقه .. شاردا واجما متغرقا فى التفكير .. قال له زياد 
ناوى على ايه يا آدم 
قال آدم بأسى ممزوج باليأس 
هعمل ايه يعنى .. خلاص كل حاجة ضاعت
نظر اليه زياد قائلا 
و خطيبتك 
ابتسم آدم بمرارة وقال 
هى كمان ضاعت .. معتقدش انها ممكن ترضى تبص فى وشى تانى
تنهد زياد بأسى وقال بعتاب 
قولتلك يا آدم محدش بياخد من الدنيا كل حاجة .. بس انت أصريت على اللى فى دماغك
نهض آدم ودخل الغرفة بدل ملابسه فقال له زياد أن ينصرف 
على فين 
قال آدم وهو يتوجه الى الباب 
على المستشفى
لم يجد آدم طبيب آيات فسأل احدى الممرضات التى أخبرته أنها استيقظت بالأمس على نوبة عصبية وأن الطبيب أعطاها المزيد من المهدئ وأنها نائمة منذ الأمس .. حاول آدم رؤيتها لكنه علم بأن والدها معها فى غرفتها .. ظل يتحرك فى المستشفى بالطير المذبوح .. يريد أن يطمئن عليها لكنه ممنوع من رؤيتها .. رأى أسماء م من باب المستشفى بمجرد أن وقع نظرها عليه أت نحوه قائله بلهفه 
ايه اللى حصل ل آيات يا دكتور آدم .. من امبارح وأنا مش عارفه أوصلها ولسه عمو رادد عليا من شوية وقالى انها فى المستشفى دى
قال آدم بحزم وهو ينظر الى أسماء 
خليكي معاها يا أسماء متسبيهاش .. خليكي جمبها
قال ذلك ثم غادر المستشفى تحت أنظار أسماء المندهشة
لكن صدمت أسماء تضاعفت بعدما سمعت من والد آيات تطورات ما حدث الليلة الماضية .. فتحت فمها فى دهشة وهى تنظر الى صديقتها النائمة فى أسى وقالت بأسى 
آه يا آيات يا حبيبتى أكيد كان صعب عليكي أوى
قال عبد العزيز بصوت مرهق 
لازم أشتكيه للعميد بتاعه .. اللى زى ده ميصلحش انه يكون دكتور فى الجامعة .. حسبي الله ونعم الوكيل فيه ربنا ينتقم منه
جلست والدة إيمان فى غرفة المعيشة تفصص حبات البازيلاء أمام التلفاز .. اقترب منها على وجلس بجوارها و يدها قائلا 
تسلم ايدك يا ست الكل
ابتسمت والدته قائله 
تعيش يا على
العريس وأهله جايين بعد بكرة مش كدة
أيوة أمه لسه أفله معايا من شوية .. ربنا يجعله من نصيب أختك يا على
قال على مبتسما 
متقلقيش ان شاء الله خير .. ول كان من نصيبها هتاخده
صمتت قليلا وبدا عليه الحرج ثم تنحنح قائلا 
ماما أنا كنت عايز أكلمك فى موضوع
نظرت اليه والدته قائله 
عاز فلوس 
ازداد حرجه وقال بضيق 
لا يا ماما أنا معايا فلوس
ثم نظر اليها قائلا 
ماما أنا بصراحة ومن الآخر كده معجب بواحدة من صحاب إيمان وعايزك تكلميها
قالت والدته ضاحكة 
يبأه أكيد سمر
ابتسم على بحرج فقالت والدته بلهفه 
سمر مش كده 
أومأ على برأسه فقالت أمه بحماس 
يازين ما اخترت دى بت زى النسمة ربنا يجعلها من نصيبك يا على
قال على بقلق 
بصى يا ماما أنا لسه فى بداية الطريق وعارف انى هتعب شوية بس بصراحة خاېف تضيع من ايدي فعشان كده يا ماما عايزك تكلمى سمر .. على الأقل نلبس دبل دلوقتى وأنا ان شاء الله بدور على شغل تانى يكون أحسن من ده
قالت والدته بحماس 
متشلش هم .. هتكلم معاها
على يد والدته بفرح قائلا 
ربنا يخليكي لينا يا ماما
عاد آدم الى بيته تتبعه نظرات أمه المتفحصة .. اقتربت منه قائله 
فى حاجة يا آدم
قال آدم بإرهاق 
لا متشغليش بالك يا ماما
تنهدت أمه بحسرة وألم وهى ترى ابنها يقصيها من حياته ويخرجها منها .. تركته فى يأس وذهبت الى المطبخ .. دخل آدم غرفته وأغلق الباب .. توجه الى ه وجلس عليه .. كانت علامات الحزن والأسى على وجهه .. والحيرة فى عينيه .. يشعر بأن كل ذلك كابوس وسيفيق منه .. لابد أن يكون كابوسا .. ليس من المعقول أن يخسر كل شئ .. خطته .. و آيات .. تساءل .. ترى كيف حالها الآن .. كيف ستتجاوز صډمتها .. أستستطيع نسيانه .. بل أسيستطيع هو نسيانها .. رغما عنه شعر بشئ تجاهها .. شعر بقلبه يتحرك من سباته ليخبره بأنه مازال فيه روحا .. جذبته برقتها ملكته ببرائتها خطفت قلبه بصدقها ونقائها وحبها الكبير .. أحبته حبا يعرف جيدا بأنه لا يستحقه .. أكثر ما يؤلمه هى نظرتها اليه التى تشوهت .. لم تعد تراه آدم ذلك الرجل الذى كتبت فيه الشعر والخواطر .. بالتأكيد تراه الآن شيطانا .. كما رآه أعز أصدقائه .. وكما تراه والدته .. قطب جبينه فى أسى .. وترددت أمانيه بداخله .. ليتك دخلتى حياتى فى وقت آخر وظرف آخر .. ليتك دخلتى حياتى وأنا آدم القديم .. ليتك دخلتى حياتى أن تتشوه .. ما كنت عندها لأفكر لحظة فى أن أؤذيك .. ما كنت عندها سأتركك لتضيعي من بين يدي .. برائتك أظهرت لى كم أنا حقېر .. صدقك أظهر لى كم انا زائف .. حبك أظهر لى كم أنا حقود .. تنهد فى ضيق وهو يشعر بغرفته تضيق به .. نهض وغادر بيته مسرعا .. تجول فى الشوارع بسيارته وعيناه تشعان حيرة وأسى
اختارت إيمان ملابسها بعناية فائقه واستعدت لاستقبال عريسها ووالديه .. جلس الجميع معا فى غرفة الصالون رغم اعتراض على الذى لم يلقى صدى من والديه .. لاحظت إيمان منذ الوهلة الأولى ببعد حماتها عنها .. كانت تنظر اليها نظرات غير مريحة ولم تبتسم فى وجهها ولا مرة .. بل لم تبتسم أصلا ولا مرة .. شعرت إيمان بالتوتر وتحولت سعادتها الى خوف وهى ترمقها بنظراتها من حين لآخر علها تجد وجهها وقد لانت ملامحه .. انتبهت الى حديث عريسها والذى كان يتسم بخفة الظل .. ابتسمت على نكاته وكتمت ضحكاتها على مزحاته .. شعرت بالسعادة وهى جالسه تستمع الى الحوار الدائر واهتمام والد العريس بمعرفة بعض التفاصيل عنها ومشاركتها فى الحديث .. لم يعكر صفوها سوى عبوس والدة العريس والذى لاحظه الجميع .. انتهت الزيارة مبكرا بعدما أعلنت والدة العريس أنها ترغب فى الإنصراف .. نظرت إيمان الى والدتها التى كانت تشعر بالضيق من تقرفات والدته التى تخلو من اللياقة .. فى الأسفل وبمجرد أن خرجوا من البوابة التفتت والدة العريس الى ابنها قائله بغيظ 
وهى دى بأه اللى عجبتك يا فالح 
قال العريس 
أيوة
صاحت 
آه يا مرارى يانى .. وملقتش غير دى
قال ابنها بدهشة 
مالها يا ماما 
قالت أمه بحنق وتهكم 
انت مش شايف عامله زى الهضبة ازاى .. اتفرج عليها بعد الجواز والخلفة مش هتعرف تدخل من باب الشقة جتك الأرف فيك وفى ذوقك
قال ابنها بضيق 
بس دكتورة ومحترمة وعجبنى شكلها ..
 

تم نسخ الرابط