ادم
المحتويات
من كلام أمها اللاذع .. جلست على طرف البانيو وأخذت تبكى فى صمت .. طرقت والدتها الباب پعنف وقالت
اخلصى عايزة أكمل غسيل
صاحت إيمان پحده
طيب طيب
مسحت عبراتها وقامت لتغسل وجهها .. نظرت فى المرآة لترى وجهها المبلل وعينيها المنتفخة من السهر وكثرية البكاء وتلك الهالات التى ظهرت تحت عينيها فباتت واضحة على بشرتها ناصعة البياض .. شعرت بالتقزز وهى تنظر الى وجهها أبعدت عينيها سريعا حتى لا تستمر فى النظر الى وجهها الذى أشعرها كم هى قبيحه وغير مرغوبه
أنا عايزه أروح أعيش عند ماما يا بابا
لم يعترض والدها .. بل بدا وكأنه كان ينتظر طلبها .. ليخلو له البيت مع زوجته الجديدة .. حزمت أمتعتها فى أسى.. وهى تبكى ألما وقهرا .. رأت نظرات الفرح والتشفى فى عيني زوجة أبيها .. لم تؤلمها تلك النظرات بقدر ما ألمها غياب أبيها .. فلم يهتم حتى بوداعها أو بتوصيلها .. نزلت أسماء لتتوجه الى بيت جدها حيث تعيش أمها .. مع جدها ومع خالتها الأرملة وابنيها .. كان الوضع بالنسبة لها يشعرها بالضيق لوجود الشابين معها فى نفس البيت .. لكنها أرغمت على ذلك فقد قررت ألا تعود أبدا الى بيت أبيها .. كان البيت كبيرا مكونا من طابقين .. حرصت أسماء على عدم ازعاج أحد بعدما قالت لها والدتها بحزم
امتثلت أسماء لأوامر أمها .. بل الأكثر أنها كانت تمضى معظم الوقت فى غرفتها لئلا يتضايق أحدا من وجودها .. كانت تعيش فى البيت بملابس البيت العادية وبشعرها المكشوف رغم وجود الشابيين فى البيت .. كانت تشعر بأنه لأمر شاق عليها أن تتحجب طيلة الوقت خاصة وأن أحد الشابيين فى الثانوية العامة وان لم يكن فى احدى دروسه فهو فى البيت قابع فيه دائما .. أما الشاب الآخر أنهى كليته ولا يعمل فيقضى معظم الليل فى الخارج ومعظم النهار فى البيت نائما .. لم يكن يضايقها سوى نظرات هذ الشاب التى لم تكن تريحها بأى حال من الأحوال .. لذلك كانت تحاول دائما أن تتحاشى رؤيته أو المكوث معه فى مكان واحد
ايه .. بتقول ايه يا عاصى
قال عاصى پحده
زى ما بقولك يا بابا .. الكلب اللى اسمه آدم هو اللى ماسك القرية الجديدة واللى مأجرها رجل أعمال شغال فى مجال السياحة بس أول مرة يأجر قرية فى العين السخنة
قال سراج وقد عقد ما بين حاجبيه فى ڠضب
شكل اللى اسمه آدم ده مش ناوى يجيبها لبر
ده أنا أولع فيه هو وأهله .. وزى ما رميته فى السچن هرجع أرميه تانى اظاهر انه اشتاقله أوى ونفسه يرجلعه تانى
قال سراج بحزم
متعملش أى حاجة من غير ما أعرف يا عاصى
ثم قال وهو شاردا
استنى شوية لحد ما الأمور تتضح أكتر ونعرف هو ناوى على ايه بالظبط
قال عاصى متهكما
هيكون ناوى على ايه يعني يا بابا .. أكيد عايز يفرد نفسه ويقول أنا أهو .. بس واللى خلقه ما هسيبه المرة دى الا لما أطلع روحه فى ايدى .. لانى حذرته انه يبعد عن طريقى لكن شكله غاوى مشاكل وبيعزها أد عنيه
عايز اعرف دبة النملة فى القريه دى ..الناس اللى شغاله معاه مرتاباهم مين دراعه اليمين البروجرام الترفيهي اللى عمله للسياح حتى أنواع الأكل اللى فى المنيو .. عايز كل التفاصيل دى تكون عندى
قال عاصى بثقة وهو يرفع أحد حاجبيه
متخفش أنا ابتديت فعلا أزرع ناس عنده فى القرية
ثم قال بغل
دخل آدم غرفته وهو يشعر بإنهاك بالغ .. ألقى بنفسه فوق ه يريح ظهره المتعب .. طيلة الايام الماضية لم يذق غمضا ولا راحة .. كان يعمل بهمة ونشاط حتى شعر بالإنهاك .. أراد أن ينهى كل شئ فى أقرب وقت ليستطيع افتتاح القرية واعلان بدء الحړب .. ساعده انهماكه فى عمله على أن يتغلب ولو قليلا على اشتياقه ل آيات .. لكن عندما يعود الى غرفته فى المساء لا يملك سوى التفكير فيها .. شعر برغبة قوية فى مهاتفتها والإطمئنان عليها ومعرفة حالها وهل تحسنت واستطاعت الكلام مرة أخرى أم لا .. تنهد بقوة وهو يتذكر ما فعله بها وصډمتها حينما علمت بحقيقته فلم تتحمل مشاعرها الرقيقة الصادقة كل هذا الخداع والأكاذيب .. تذكر آخر مرة رآها يوم إمتحان مادته .. كيف كانت عبراتها تتساقط فوق وجنتيها ومشاعر الألم محفورة على وجهها .. لكم يريد الآن أن يتحدث معها ويخفف عنها .. لكم أراد أن يخبرها بأنه لم يكن لېؤذيها ولم يكن ينوى تركها .. أراد أن يخبرها بأن مشاعره تحركت تجاهها بالفعل .. وأنه تنماها بالفعل وأنه رغب بأن تصير زوجته بالفعل .. لكن ترى هل ستصدقه .. بالطبع لن تصدقه .. كيف تصدق من كڈب عليها وخدعها .. كيف تثق به مرة أخرى .. شطح بخياله بعيدا .. عندما يتمكن من هزيمة سراج وابنه .. ويحقق ما حلم به ويبنى نفسه مرة أخرى .. ترى أت به ان عاد اليها .. لم يحتج الى تفكير طويل فالإجابه جاهزة .. بالطبع لا .. لم تهتم آيات لا بماله ولا بثرائه بل اهتمت بشخصه الذى صدمت فيه .. فلا فائدة اذن إن ملك الدنيا ووضعها تحت أقدامها .. مادامت نظرتها فيه قد تحطمت .. تذكر نفورها منه ونظرت عينيها الغاضبة المعاتبة .. أصابه ذلك بالإحباط الشديد .. وقال فى نفسه .. انسى يا آدم .. انسى .. لن تفكر فيك بعد الآن .. لن تحترمك بعد الآن .. لن تكون لك بعد الآن .. شعر بالغيرة تتسرب الى قلبه وهو يتذكر وقوفها مع أحمد الذى صړخ بأعلى صوته وسط الجامعة معلنا عن حبه لها وعن رغبته فى الزواج منها .. ترى أمازال يعرض عليها الزواج .. أستوافق آيات على الزواج منه .. أستصير فعلا زوجة لغيره .. امتلأ قلبه بالألم وأخذ نفسا عميقا عله يريح قلبه مما يعانيه .. تناول هاتفه واتصل ب زياد يتحدث معه قليلا ليصرف ذهنه عن التفكير في آيات .. فى وسط حواره قال
آه صحيح كنت عايز أقولك حاجة مهمة
قال زياد
خير يا آدم
قال آدم بحزم
أنا محتاجك معايا يا زياد
قال زياد بإستغراب
محتاجنى معاك ازاى يعني
قال آدم بجدية
بص يا زياد انا محتاج معايا حد ثق فيه .. ومش هلاقى أحسن منك .. أنا عارف سراج و عاصى كويس جدا وعارف تفكيرهم .. زمانهم دلوقتى عرفوا انى مدير القرية الجديدة وانى اخترت المكان ده بالذات عشان أحاربهم.. وأكيد هيحاولوا يدمرونى بكل الطرق .. أنا محتاج معايا حد أثق فيه لان كل اللى شغالين هنا لسه جداد ولسه محطوطين تحت الاختبار .. عارف ان هيكون منهم جواسيس وناس هيقدر عاصى انه يرشيها عشان يوصلها .. عشان كده لازم يكون فى حد جمبي لو أنا مش موجود يكون هو عيني اللى بشوف بيها .. فاهمنى يا زياد
قال زياد بعد تفكير
طيب وشغلى يا آدم
قال آدم على الفور
أصلا القرية اللى انت ماسكها دلوقتى قرية تعبانه لشركة صغيره .. يعني الفرصة اللى أنا بعرضها عليك أحسن مليون مرة من ادارتك للقرية التعبانه دى .. وكمان المرتب هيكون زى ما انت عايز .. ده غير ان شغلك هيكون معايا أنا يعني لا صاحب القرية يقرفك ولا يطلع عينك لانى أنا المسؤل الأول والأخير عن كل حاجة فى القرية لانى شريك فيها بمجهودى
صمت زياد يفكر في عرض آدم فحثه آدم قائلا
مش ه رفض يا زياد .. بجد محتاجك جمبي .. وفعلا دى فرصة بالنسبة لك .. وانت عارف كويس ان الشركة اللى انت شغال معاها شوية وهتلاقيهم صفوا أعمالهم لأن الشركات الصغيرة اللى زى دى بتظهر بسرعة وتختفى بسرعة .. قولت ايه
قال زياد مفكرا
هى فعلا فرصة زى ما بتقول .. خاصة فعلا ان الشغل بأه زفت وانا فعلا متوقع انهم هيقفلوا الشركة قريب
قال آدم لهفه
طب ايه
قال زياد مبتمسما
شكلى مش هعرف أخلص منك أبدا
ضحك آدم قائلا
أهو هو ده الكلام .. بجد فرحتينى يا زياد
ثم قال
بص بأه يا باشا تلم عزالك كده وتجيلى فى أقرب وقت .. فى بلاوى متلتله لازم تخلص الإفتتاح .. قشطة يا معلم
ضحك زياد قائلا
قشطة يا دكتور
ما كادت ساندى تعلم بأن افتتاح القرية السياحية الخاصة بشركة والدها سيكون خلال شهر حتى قالت لوالدها بلهفه
بابا أنا عايزة أشتغل فى القرية السياحية الجديدة
قال والدها مستغربا
بس احنا متفقين من زمان ان شغلك هيكون معايا فى الشركة يا ساندى
قالت بدلال
بس أنا حابه أشتغل فى القرية يا بابا .. عشان خاطرى يا بابا واقف .. وبعدين أكيد هستفاد كتير جدا من خبرة دكتور آدم
فكر والدها قليلا ثم قال
طيب يا ساندى زى ما تحبي
عانقته ساندى قائلا بمرح
ميرسي يا بابا
ابتسمت فى سعادة وهى تشعر بالحماس واللهفة لى العمل فى القرية السياحية .. بجوار آدم
لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك
أخذ والد آيات يلبى نداء العمرة بصوت مسموع وهو جالس بجوارها فى الطائرة .. قرر والدها القيام بأداء العمرة الذهاب الى رحلتهما .. أراد أن يدعو الله عز وجل لابنته بالشفاء فى هذه البقعة المباركة .. وظن أن فى ذهابها خير كثير لها .. ود لو أدى معها مناسك الحج لولا أن الحج فى أشهر معلومات كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج أشهر معلومات شوال و ذو القعدة و ذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن .. أخذ عبد العزيز يردد .. لبيك اللهم لبيك .. دون كلل أو ملل .. نظرت اليه آيات وهى تستمع اليه وتشعر بشعور غريب .. ودت لو استطاعت النطق لتلبى مثله .. فعلت بقلبها .. حطت الطائرة ونزلت منها فى المدينة وهى تنظر الى حولها برهبة .. توجها الى الفندق
متابعة القراءة