روايه ميراث الندم
المحتويات
السلامة
ربنا كريم
قالها عارف قبل أن يكمل سائلا ببعض الجدية
مجولتليش بجى جاي النهادرة تتوانس معانا انا والشباب ولا هتجصر زي امبارح والأيام اللي فاتت
خرج رد غازي مرددا خلفه بجدية
لا هجصر زي الأيام اللي فاتت النهاردة سهرة المرحوم حجازي مجدرش ما اروحش حتى عشان خاطر عزب واد عمنا دول نسايبه بردك
زام بها عارف يطرق بكف بأصابع يده على سطح السيارة وكأنه مترددا في الذهاب وترك هذه الجنية المتمردة بڠضبها وتجاهلها له فقد فاض به منها ومن معاملتها الجافة تلك في الاخير استسلم ليستقيم بظهره مودعا غازي بقوله
تمام يا واد عمي انا منتظرك بكرة متتأخرش بجى ولا اجولك اتأخر براحتك انا برضوا مستنيك
خدتي بالك من الكلام الاخراني واد عمك جاب آخره خلاص دا متكسفش حتى يبينها جدامي الملعۏن
لوت ثغرها بامتعاض قبل أن ترفع طرف شفتها باستنكار قاطع اذهب العبث من وجه شقيقها ليعقب قبل أن يدير محرك السيارة
براحتك يا بت ابوي
لما نشوف اخرة الفيلم الهندي دا ايه صبرني يارب
بداخل غرفتها وبعد أن حممت طفلها وقد كانت تمشط له شعر رأسه بعد ان ارتدى ملابسه النظيفة المعطرة والتي تجعله كقعطة الحلوى لها كل دقيقة بابتهاج
حبيب ماما يا ناس الجمر ده هات تاني يا واد
اوقفها صوت هويدا تنادي باسمها بعد ان طرقت على باب الغرفة
ممكن ادخل
يا سلام طبعا أكيد اتفضلي يا عمتي هو انتي غريبة عشان تستأذني
امك مش باينة يعني من الصبح لحجت تمشي ولا ايه
اجابتها بدون تركيز وقد انشغلت برفع باقي ملابس صغيرها المتناثرة على التخت
امي راحت تشوف حالها بجى كفاية عليها اربعين يوم مربوطة جمبي
على عكس ما تتوقع من رد وجدتها تقول
كويس برضوا خلي الدنيا تمشي ما هي عمرها ما هتفضل واجفة كدة على طول
جصدك ايه يا عمة انا مش فاهمة
سحبت هويدا نفس طويل واخرجته قبل أن تجلس على طرف السرير تدعوها بلهجة جادة
اجعدي يا نادية انا عايزاكي في كلمتين
سمعت منها لتجلس جوارها بعد أن وضعت الصغير بجوار العابه على الأرض قائلة بتوجس
نعم يا عمة خير
كل خير ان شاء الله يا بتي
شوفي يا بتي انا عايزاكي تسمعي كلامي زين وتركزي فيه اللي هجوله دلوكت دا عشان مصلحتك ومصلحة ولدك جبلك فهمتي الأخيرة مصلحة ولدك جبلك ركزي عليها جوي دي
زادت على وجهها علامات الاستفهام المختلطة پخوف يلوح في الأفق من شيء لا تعلمه فخرج صوتها بقلق متعاظم ما تجولي يا عمة وجعتي جلبي ماله ولدي
في الأسفل
كانت سکينة تتمتم بالذكار على سبحة زوجها التي هجرها منذ رقدته الأخيرة بالمشفى يصارع مصيره متعمدة عدم الالتفات نحو هذا
الذي يقطع الصالة بجوارها دون هوادة بقلق من ينتظر نتيجة فحص امتحان تحديد مصيره
ضج من تجاهلها له حتى اقترب يجلس بجوارها يسألها مباشرة
تفتكري هتجبل يا جدة ولا امي هتعرف تقنعها
توقفت عن تسبيحها لتلتف اليه تجيبه بحدة
وايه لزوم التخمين والسؤال ما تتصبر اللحضة دي ولا مش جادر تصبر
عبس ينتفض من جوارها متمتما بحرج
وه ايه لزوم الكلام الواعر ده ما احنا اتفجنا من الاول
ان الأمر دا ضروري عشان مصلحتها هي ومصلحة ولدها ولا انتي نسيتي
أطبقت شفتيها الرفعتين بخط رفيع وطيف الأسى ارتسم على ملامحها المجعدة بوضوح لتردف بضعف وأعين التمعت بدموع حبيسة
انسى كيف وهو انا لو ناسية كنت وافجتكم على الجنان ده جال ايه اللي راماك ع المر غير اللي الأمر منه
مر ايه يا شيخة فال الله ولا فالك
هتف بها بسخط يبتعد عنها ثم ارتفعت عينيه لأعلى مغمغما بصوت خفيض
دي جشطة باللبن
في الأعلى
وبعد ان استمعت لشرحها الوافي انتفضت بعد صدمة الجمتها للحظات قبل أن تستجمع شتات نفسها وتصيح بها بعدم استيعاب
يا مري عايزاني اتجوز سند ايه اللي بتجوليه دا يا عمه
انتفضت هويدا هي الأخرى تقابلها بقوة مكررة
خلي بالك يا نادية وافتكري انا شددت عليكي بإيه قي بداية كلامنا اللي بجوله دا عشان مصلحة ولدك جبل مصلحتك ومصلحتنا وانا برضك حاطة جدامك الاختيارين ان مكانش سند ولدي يبجى عيسى ولد نعيمة
يتبع
الفصل السابع
كانت تطالعها بذهول وعقلها لا يستوعب احق ما سمعته أم هو سوء فهم تسرب ألى عقلها المشوش من الأساس فهذه الأشياء خارج حدود المنطق الذي نشأت عليه وما تعرفه عن طيبة وحكمة من تحدثها لترى الان تبدل ملامحها لأخرى حازمة في قولها
اسمعي يا نادية انا عارفة ان الموضوع كبير وعجلك مش مستوعب دا غير كمان حبك للمرحوم اللي كلنا نشهد عليه بس يا بتي في ضرروات تجبرني اتكلم معاكي دلوك عشان انبهك للي جاي
ايه هو اللي جاي
تمتمت بها لتلوح بكفيها أمامها تردف بصوت مټألم
انتي جاية تكلميني على موضوع جواز وحبيبي يدوب مكمل اربعين يوم امبارح بس من وجت رحيله! كيف نطج بيها لسانك
زفرت هويدا هواءا ساخنا لتشيح بوجهها عنها قليلا مهمتها صعبة وتحتاج الصبر فعادت لها بعد وقت قصير قائلة
لساني نطج مجبور يا نادية عمك فايز واجف ع الباب
في أي وجت ممكن يضرب رجليه ويدخل بمرته الحرباية وعياله بعد ما خلاص بجى ليه ورث دلوك من المرحوم بحكم انه ابوه دا غير انه بجى وصي على ولدك ولا دي محدش جالك لسة عليها
ظلت تطالعها بعدم فهم بملامح تجمدت على ذهولها لتزيد عليها هويدا بقولها
لازم حد يوجف لفايز وانا لما بكلمك مش غرضي طبعا انك تغضبي ربنا ولا تتجوزي جبل ما تخلص عدتك انا بديكي فكرة من دلوك عشان تختاري وتميزي كلامي زين مش عايزين نستنى حاطين يدنا على خدودنا لازم نحضروا نفسينا
صړخت بها باستجداء بعد أن وجدت صوتها
بس دول خواته سند وعيسى يبجوا خواتي من ساعة ما دخلت برجلي البيت ده وانتوا فهمتوني كدة في حد يتجوز مرة اخوه
لاحت ابتسامة ساخرة على وجه هوايدا خالية من أي مرح في الرد عليها
وهو انتي اول واحدة تعمليها يا حبيتي ولا تحبي اجولك على عدد الشباب اللي اتجوز حريم خواتهم لجل ما يربوا عيال اخوهم بعد ما ماتوا ولا اجيبلك اسامي البنتة الصغيرين اللي جبلوا يحلو محل اختهم المېتة مع جوزها لأجل ما يحموا عيال اختهم من مرات اب غريبة تحط عليهم وانتي محتاجة اللي يحميكي انتي وولدك ويحمي حجك
رفض قاطع تحول لاشمئزاز أعتلى تعابيرها متمتمة بعدم تقبل
سمعت وعارفة منهم اسامي كمان مش هلوم عليهم عشان أكيد الظروف اجبرتهم يجدموا الټضحية دي بس مش كل الناس تجدر تعملها لا يمكن هجبل حد يشارك سريري غير جوزي لا يمكن هتتغير نظرتي لسند ولا عيسي واشوفهم حاجة غير خواتي يعني مفيش واحدة تتجوز اخوها مهما كان اللي بتجولي عليه يستدعي ثم تعالي هنا انتوا ازاي ناسين امي سليمة تفتكروا هي هترضى بالكلام ده
ملكيش دعوة بيها ثم احنا كمان بنعمل لمصلحة واد ولدها وحفظ حج المرحوم هتعوز ايه أكتر من كدة
صعقټ نادية بهذه القسۏة التي تخللت نبرتها والتحدث عن المرأة المكلومة في فقيدها بهذه التهاون لتهدر پعنف ردا عليها
انتي ازاي تتكلمي عنها كدة هو انتي فاكراها جماد دي واحدة ملحجتش تفوج من ضړبة ولدها تستحمل ازاي ضړبة تاني انا لا يمكن هجبل بأي حاجة تجرحها
وكأنها لم تسمع شيء تحركت شفتي هويدا لترمي بوجهها القنبلة القادرة على كسر ارادتها مهما كانت قوتها
حتى لو كان حياة ولدك
ماله ولدي
ولدك هو الوريث الوحيد يا نادية لابوه يعني من مصلحة فايز وشربات انهم يخلصوا منه عشان يورثوه هما كمان
لاه أكيد الكلام ده كدب يعني انا لحجت اخف من مصېبتي في مۏت جوزي عشان ياجي الدور على ولدي كمان
أشفقت هويدا تبصرها
بحزن
لتنهض من جوارها عن التخت قائلة
ربنا ما يجيب اذى يا بتي ولا يحرج جلبك على ضناكي ابدا أنا بس حبيت احط الحجيحة العفشة جدام عينكي عشان تفكري وتوزني بعجلك عدتك لسة باجي عليها أكتر من شهرين ونص خدي وجتك في التفكير بس نصيحة مني حاولي تعجلي عشان نعمل حسابنا ونوضب للي جاي محدش عارف الأيام مخبيالنا ايه
لفظت كلماتها وخرجت تتركها في موجة حاړقة من البكاء لا تستوعب هذا الکابوس الذي وجدت نفسها به أن تهدد بطفلها هذا أكبر من قدرة تحملها تتمنى المۏت على أن يحدث كما ترفض وبكل قوة اختيار أحد هذه الحلول المجحفة
في يوم وليلة يتحول من كانت تظنه شقيقا لها لزوج كيف
وهي التي اغلفت على قلبها ولن تقبل بمشاركة حبيبها الراحل به حتى لو كان زواجا عاديا
ان تودي بعقلها كلمات هويدا تنعاد برأسها موضوع الزواج ثم التلويح عن أمان طفلها متى هذا الکابوس ان ينتهي وكيف تجد الحل في النجاة بنفسها وبطفلها لماذا رحل ليتركها هي وصغيرها وسط هذه النيران المشټعلة حولهما ليته ما جاء هذا الميراث اللعېن ليتها تجد طريقا للهروب من كل شيء
وفي الجهة الأخرى
كان هو على
اريكته بشرفة الغرفة يساوره قلق متعاظم لا يعرف سببه مع أن قلبه يحدثه باسمها أو ربما التفكير الكثيف بها هو من أدخل بعقله هذا الظن
لا ينكر انها احتلت كيانه منذ أن رأى عودتها لقد كانت في الأمس نجمة أحلامه اما الان فقد الان فقد اكتسحت كل تفكيره وأي شيء من مهمام او مشاكل أو حتى امور أسرية يأتي خلفها
اخرج تنهيدة مثقلة ومعضلتها تؤرق نومه وتمنع عنه راحة البال كيف السبيل لتصبح تحت جناحه ورعايته كيف له أن يحميها من كل العيون المتربصة والنفوس الجائعة للفوز بها لن يهدأ حتى يجد الحل لكن الى ان يأتي ذلك كيف له أن يأمن عليها وقد قرأ العيون التي تحاوطها هو رجل ويعلم فيما يفكر الرجل حينما ينظر لامرأة
صاحي عندك من امتى يا غازي
هتفت بالسؤال زوجته وهي تنهض عن تختها وترتدي خف قدميها في الاسفل بنصف التفافة برأسه رد يجيبها باقتضاب
مش جايني نوم نامي انتي
تثابئت بصوت عالي لتردف بعدها وقدميها تتحرك للجهة الأخرى
انا جايمة اخش الحمام أصلا ع العموم لو عوزت حاجة تبجى تناديني
ختمت بتثاؤب اخر لتختفي ذاهبة نحو وجهتها ليمدم هو في أثرها بانشداه
يا ريتني اخد ربع تناحتك ع الأجل كنت هجدر انام دلوك
في اليوم التالي
وقد تأخرت عن عادتها في النزول مبكرا كعادتها قاصدة عدم الاحتكاك بأحدهم حتى حينما قابلت سليمة لم يقوى لسانها على التفوه ببنت شفاه امامها وحتى لا تشعرها بشيء قامت بالأعمال الروتينية في تنظيف المنزل واعداد وجبة الإفطار التي
متابعة القراءة