روايه ميراث الندم

موقع أيام نيوز

بعقلها من هواجس ومخاۏف حتى يأس منها ليهتف بوالدتها
ما تشوفي بتك دي يا خالة.
همت جليلة في تنفيذ أمره ولكنها انتبهت على الصوت القريب من أحد رجال غازي
لجيناه يا سعادة البيه لجيناه يا ست نادية. 
انتبهت هي لتبصر صغيرها محمولا على ذراع الرجل سالما بهيئة طبيعية لتشهق بقلب على وشك التوقف وفرحة كانت أكبر من تحملها بعد ان استنفذت كليا في هذا الوقت البسيط الذي مر عليها وكأنه دهر لتسقط فاقدة وعيها تماما وكان هو أقرب اليها من الأرض ليتفاجأ بها بين ذراعيه بجسد مرتخي جعله يتمتم بإجفال وصوت مهتز فقد هيبته
وه.
في المساء 
وقد هدأت الأوضاع واستقر الصغير والدته التي اطمئنوا عليها هي الأخرى بعد ذلك ليأتي الحديث الجدي بين عزب شقيقها ومجموعة من شباب العائلة التي انضمت في الجلسة مع غازي الدهشان والذي بدأ حديثه بحزم
الكلام دا مينفعش يا عزب الواد النهاردة لو مكناش لجيناه في الوجت المناسب الله أعلم كان هيجراله ايه
دافع الاخير بلهجة ضعيفة لا تتنصل من الذنب
يا بوي والله ما بنغفل عنه دي امه اساسا مچنونة بيه وما بتفرطش تسيبه لوحده ابدا دا غير امي نفسها دا غير عيالي وعيال خواتي اللي البيت مليان بيهم كل شوية لحد دلوك ما جادر استوعب كيف دا حصل
تدخل ناجي بتهدئته
متزعلش نفسك يا خوي احنا مصدجينك والله خفف على نفسك جدر ولطف.
استشاط غازي حنقا من تساهله
المتعمد ليهتف معنفا
ونعم بالله يا سيدي بس احنا منيفعش نسكت ولا نفوت الواد صغير وغريب عن المنطجة مش زي عيالنا اللي حافظين حتى عدد الشجر في الأرض دا غير انه لسانه تجيل واديك شوفت بنفسك مفيش كلمتين مفهومين زين منه عن الراجل اللي كان ماشي وراه.
تدخل عارف سائلا بفضول
طب وانت يا غازي مستدرجتش الراجل ولا عرفت ان كان حرامي العيال ولا ايه صفته بالظبط
لا طبعا ودي هتفوتني انا سألت وجررت دا غير ان الرجالة لموا كل المعلومات عنه دا واحد بيبع غزل البنات بيزمر للعيال اللي بتمشي وراه ويلاعبهم
على حسب الكلام اللي جاولو انه عدى هنا وفي الشوارع اللي محاوطة بيت عمك هريدي وجصاده كمان ببجول ان عيال كتيرة كانت ماشية وراه وهو مشغلهم السماعات وبيزمرلهم يعني أكيد لو معتز انضم
مش غريبة يعني ما هو عيل وبيحب اللعب .
عقب عزب بغيظ
ابن ال...... الله يرحمك يا حجازي مينفعش اجيب عليه نص كلمة بس احنا كنا هنتجن واحنا بندور عليه مخلناش شارع ولا بيت في النجع حتى الزرع كنا بنسرب فيه حتة حتة ليكون استخبي في البرسيم ولا في محصول الجمح .
تلقف غازي الاخيرة ليزيد من طرقه على الحديد وهو ساخن
اديك جولتها بنفسك الأرض الخلا عندنا كتير جوي حوالين البيت مينفعش نسيب حاجة للظروف واحنا عارفين بالخطړ اللي محاوط معتز ومحاوط امه بعد اللي حصل في بيت الدهشوري الدنيا مولعة فيه والحجة سليمة لما بعدت نادية وجابتها عندنا كانت جاصدة الامان للواد وامه يعني مينفعش احنا نجصر محدش ضامن ما يمكن اللي جصد يتخلص من جوزها ايه اللي يمنعه عن
الواد الصغير لو الظروف اتهيأت جدامه كيف ما حصل النهاردة
اعود بالله.
تمتم بها عزب بصوت واضح امام الجميع ليعقب على قوله ناجي بمبالغة كالعادة
طب حد فيهم يجرب منه عشان اعملها حرب وابندجهم كلهم.
كبح غازي بداخله سبة وقحة يمنع نفسه بصعوبة كي لا يهجم عليه ثم يسحب لسانه من فمه حتى يخرصه نهائيا عن ازعاجه فخرج صوته بعد ضغط شديد
ولما تروح تبندجهم ولا تموتهم كلهم هنستفاد ايه احنا ساعتها لو لا قدر الله حصلت حاجة للواد
وافقه عارف ليضيف على قوله
غازي عنده حج فعلا احنا لازم نأمن الواد وامه معاه محدش ضامن الظروف جده راجل سكري ومش مضمون دا ممكن لو حصل للواد تعويرة صغيرة يبهدل الدنيا على راسنا.
صمت عزب بتفكير عميق وقد بدا على ملامحه الإقتناع حينما قال
تمام يا اخوانا
بس انا اعمل اكتر من كدة اعين حراس ع البيت يعني
سؤاله العفوي جاء لغازي وكأنه وصل اخيرا لمبتغاه ليرد بلهجة حازمة حاسمة
اسمع مني يا عزب الكلام اللي انا هجوله دلوك ودا مفيش منه رجوع عشان فيه الحل النهائي لكل المشكلة .
كدة برضوا يا معتز تسيب ماما بتدور عليك اوعي تمشي تاني ولا تسيبني دا انا اموت يا حبيبي من غيرك اوعي يا نور عيني.
دلفت اليها جليلة لتعلق باستهجان لفعلها
ما خلاص يا بتي سيبي الواد شوية واديلوا نفسه انتي حابساه معاكي من ساعة ما فوجتي.
ياما انا مصدجت لجيته لو بعد عني تاني ساعتها ھموت ياما ھموت والله.
زفرت جليلة لتطرد دفعة كثيفة من هواء تعبأ به قلبها ۏجعا لأغلى أبناءها لتتناول منها الطفل بعد ذلك تبعده عنها بلطف حتى انزلت أقدامه للأرص تدعوه للعب مع باقي الأطفال قبل ان تلتف اليها تخاطبها بجدية
عيال اخوكي كلهم جاعدين حارسين يعني متشليش هم الواد وركزي كدة معايا في الكلام اللي هجلهولك.
رغم استياءها لابعاد صغيرها عنها الا ان الفضول جعلها تستجيب لرغبتها في الحديث سائلة
كلام ايه دا اللي عايزيني اركز فيه
اعتدلت يجلستها مائلة وانصبت عينيها نحوها تفاجأها بقولها
اخوكي اتكلم معايا من شوية لا جاعد لا على حامي ولا على بارد بعد اللي حصل للواد واللي زود عليه هو الفكرة العفشة ليكون حد أذاه من عيلة ابوه بعد العرايك اللي حاصلة عنديهم من كام يوم.
أطرقت نادية رأسها بأسف فحديث والدتها لم يبتعد كثيرا عن الهواجس والمخاۏف التي كادت تفتك برأسها وقت بحثها عن معتز فخرج صوتها بضعف موجع
عارفة ياما كلامك والله لكن اعمل ايه بجى اهو اللي حصل كان ڠصب عني ولا حد كان يتوقعها.
احنا عارفين يا نادية عشان كدة يا بتي اخوكي جايب الحل عشان نريح دماغنا من الخۏف ليحصل الموضوع دا تاني.
تطلعت لها باهتمام فتابعت جليلة
من بكرة ان شاء الله هتسكني في استراحة جدك عبد القادر الدهشان الحراسة هناك مرشجة في كل حتة
دا غير ان البيت نفس.....
استني استني ياما
قاطعتها فجأة لتتابع وكأنها لم تسمع جيدا
بتجولي مين فهميني كيف يعني 
خرج منها السؤال بعدم استيعاب ترفرف أهدابها بنظرات مشتتة وكأن الرؤية مشوشة أو ما زالت لم تستعد وعيها جيدا لكن جليلة عادت لتؤكد لها صحة ما تفوهت بها
بجولك من بكرة هتروحي تسكني في استراحة جدك عبد القادر الدهشان على ما تهدي الدنيا ونشوف اخرتها ايه بعد اللي حصل النهاردة مينفعش الجعاد.
ازاي يعني
صاحت بها ورجفة غادرة اكتنفت اطرافها فجأة هل هذا حلم الذي تعيشه ام أنها الحياة التي ما زالت تحمل لها مزيدا من المفاجأت
كيف اسيبكم ولا اعيش مع ناس مليش اختلاط بيهم حتى لو كانوا من ناسي دا انا لسة مفوجتش من فراج جوزي اللي اتخطف فجأة جوم كمان اعيش في مكان غير مكاني
تنهيدة مثقلة معبأة بالألم خرجت من المرأة تخبرها بحزم
اخوكي دلوك بلغني بالأمر ده انتي عايزة الامان لولدك ومفيش أأمن من بيت جدك الدهشان ثم انا كمان هروح معاكي يعني مهتبجيش لوحدك.
ومين بجى ان شاء الله اللي أصدر الأمر
سألتها باستنكار وحالة من الرفض ما زالت تتمسك بها فجاء رد جليلة بوضوح تام
واحنا لينا مين يأمر علينا من بعد ربنا غير كبيرنا واد عمك غازي طبعا.
باحتجاج قاطع
ويصدر أمره بمناسبة ايه انا لا يمكن أجبل أغير مكاني ولا اروح عند حد غريب.
واصلت جليلة لإقناعها
يا بتي ما انتي هتجعدي لوحدك بعيد عنهم وانا زي ما جولتلك هكون معاكي
في الاستراحة ودا بيت العيلة ومتعودين عليه
يمكن انتوا لكن انا لاه ياما انا مليش غير بيت جوزي والبيت دا اللي اتربيت فيه لا احب الناس ولا احب الاختلاط.
تذمرت جليلة من رأسها الصلب والتعمد في تعنتها لتتمتم بضيق
يوووه عليكي وعلى راسك الناشفة انتي محدش يعرف يكلمك واصل.
دلفت سليمة بعد أن طرقت على باب الغرفة تفاجئهم بحضورها حاملة معتز لتهلل نادية برؤيتها حتى دنت منها باشتياق متبادل قبل ان تستقبلها جليلة بالترحاب رغم انقلاب وجهها مما جعل الأخرى تسألها بفراسة.
ايه اللي حاصل انتوا متعركين ولا ايه دا انا مصدجتش نفسي لما شوفت الواد بعد الكلام اللي طلع عليه انه ضاع .
ازدردت نادية ريقها بقلق وحرج تتبادل النظر مع والدتها التي زمت شفتيها بغيظ شديد قبل أن ټنفجر وتخبر سليمة بكل ما حدث خلال اليوم حتى هذا الخبر الجديد رغم اعتراض ابنتها والتي خبئت بكفيها على وجهها لا تقدر على مواجهة الأخرى والتي خرج صوتها اخيرا باستفسار
يعني افهم من كدة انها هتبجى في حما غازي الدهشان نفسه
سريعا ردت جليلة بلهفة
أيوة يا خيتي امال انا بجول ايه بس
سمعت منها لتومئ رأسها بتفكير عميق ثم تتمتم بشيء من الارتياح
زين جوي على خيرة الله.
.... يتبع
الفصل الثاني عشر
وقف في انتظارها يراقب السيارة التي تقترب وتدلف من الباب الحديدي الذي انفتح على مصراعيه من يرى الصورة الخارجية وهذا
الجمود الذي يعلو قسماته يثمن بالفعل دوره كمسؤل وراعي لعائلة كبيرة ولها وزنها المؤثر في البلدة والمحافظة بأكملها
يبدوا كجدار شامخ عود صلب وكأنه صنع من الخرسان يبعث في القلوب رهبة غريزية برؤيته قوي البنية وسريع البديهة حاسم وحازم في البت في الأمور المصيرية دون تردد كلها صفات لا تتوافر إلا في قلة قليلة من الرجال المختارين
لكن هذا من الخارج أما داخله ومن له الحق برؤية ما بداخله 
وقد ارتجف قلبه الان كعصفور بللته الأمطار في أقصى فصول الشتاء بردا هذا بمجرد رؤيتها تترجل من باب السيارة خلف شقيقها الخطوة الأولى نحو ما يتنماه جاءت اليه بأقدامها لتبقى تحت أبصاره حتى يفرد جناحيه عليها وعلى طفلها ويظلل عليهما من كل خطړ يمنع عنها أي أذى حتى لو كان الثمن هو روحه لقد كلفه الأمر لحظات من اصعب ما مر عليه على طول سنوات عمره التي تعدت الرابعة والثلاثون أن يشهد اڼهيارها ولوعتها في افتقاد وحيدها أن يكون سببا في حزنها ولو لمدة ساعتين من الزمن كنتيجة طبيعية لحيلته البسيطة.
قبل يوم
فهمت يا واد انا بجولك ايه
أوما له الرجل الذي يقف امامه يحرك رأسه بتفهم لم يقتنع به غازي ليعود ويشدد عليه بالسؤال مرة أخرى.
طب سمعني انا جولتلك ايه عشان اتأكد.
ابتلع الرجل ريقه پخوف من الخطأ أمامه ثم سرعان ما أجابه بلهفة
ايوة يا بيه هروح اتجنص حوالين المكان وانجي الوقت الهادي في الشارع واول ما الاجي الواد لوحديه هجعد الاعبه واشاغله باللعب اللي معايا لحد ما اخليه ياجي وينضم وسط العيال اللي هشغلهم السماعات واخليها فرح وانا بلففهم معايا
جدع .
قالها غازي ليردف متسائلا بتشديد
الأهم بجى في الموضوع دا كله هتعرف
تم نسخ الرابط