روايه ميراث الندم

موقع أيام نيوز

يا بنتي دا من ساعة ما فتح عينه وحس بالدنيا وعينه مبطلتش بكا طب حتى يرحم نفسه.
طمن جلبك يا جد احنا زين والحمد لله والله.
قالتها في محاولة منها لتهدئة الرجل المكلوم فما كان منه سوى أن اشار
بكفه بضعف نحو صغيرها لتقربه إليه ليضع على وجنته قبل أن يومئ لها بعينيه التي دمعت أكثر حتى همس بصوت مبحوح بجوار أذنها 
سامحيني يا بتي.
خرجت سليمة تاركة الغرفة بوجوم شارد تفكر في قول عمها الذي اختلى بها قبل الجميع يخبرها رغم تعبه الشديد ببعض الكلمات البسيطة المقتضبة يرشدها نحو الطريق الذي يجب عليها اتباعه الان بدون التقيد بأي بشيء وقد حلها من كل التزام أو وعد يضعفها أو يؤخرها.
ست سليمة. 
الټفت نحو هذا الذي هتف بإسمها لتجده امامها يقترب منها بوقار يعرفها بنفسه
انا غازي الدهشان أكيد سمعتي عني أو تعرفيني
بادلته المصافحة ټخطف نظرة سريعة نحو عيسى وسند الغاضبان لتخاطبه بعدم اكتراث
أكيد عارفاك يا ولدي ولو مكنتش عارفاك كنت هرصى برضوا اسيب مرة ولدي وحفيدي في حمايتك .
دول في رجبتي والله احفظهم بعمري كله يا ست سليمة.
استجابت له بابتسامة ممتنة لفعله يكتنفها بعض الإرتياح لقوله حتى انتبهت على نظرته التي اتجهت خلفها نحو باب الغرفة الذي انفتح لتخرج منه زوجة ابنها وحفيدها وقد انصب تركيزه عليهما.
ضاقت عينيها بتفهم سريع وفراسة ليست غريبة عنها وقد فهمت الان سر الاهتمام الشديد منه
لهما.
بجولك خدهم وراح بيهم مشوار يا ناجي اغنيها ع الربابة عشان تفهم. 
صړخت بها عبر الهاتف متخصرة في غرفتها التي اغلفتها عليها
لتبتعد عن الجميع وجاء صوته باستهجان
لمي نفسك يا فتنة انا مش ناجص جلة أدبك دي ع المسا يعني هيكون خدها هي وامها ولدها وراح فين يعني يفسحهم مثلا
حد عارف ما يمكن يعملها صح ودا بيهمه حد اصلا واد عامك مفتري ومحدش جادر يلمه.
الله ېخرب بيتك يا شيخة يا بت انتي عايزة تحرجي دمي وبس اجفلي خشمك يا فتنة انا جايلك اصلا اشوف اللي حاصل واشوف خدها وراحوا فين بس انتي امسكي لسانك ده مش عايزين نصايب.
ماشي يا واد ابوي هسكت واعمل نفسي مش واخدة بالي ان شالله حتى يكون بيفسحها ولا يوكلها جيلاتي زي اللي بيجيبوا للبنتة.
إنت وجفت ليه
هتفت متسائلة بدهشة بعد ان اجفلها بتوقفه أمام أحدى المحلات العريقة بالمحافظة لصنع المثلجات وجاء رده بابتسامة بريئة
معلش يا جماعة بس انا متعود انزل هنا دايما كل ما اجي المحافظة اجيب ايس كريم للبنتة لازم ارضيهم أحسن ميدخلونيش البيت.
استجابت جليلة بابتسامة تعقب بعفويتها
وماله يا ولدي ربنا ما يحرمهم من دخلتك عليهم دا البنات دول زينة الدنيا كلها.
اسبل اهدابه عنهما قليلا بصمت قطعه بعد لحظات موجها قوله لهما
طب انا ليا عشم عندكم يا خالة بصراحة بجى انا نفسي ادخل بمعتز خليه يشوف منظر النيل دا في الناحية الورانية من المحل دا حاجة كدة حلو جوي خلوا الواد يشم هوا بدل الحبسة
دلف الى منزله عائدا من دوام عمله بوجوم آثار ريبة زوجته والتي توقفت تطالعه حتى سقط ليجلس على اريكته الخشبية يتلاعب بشعر ذقنه بشرود واضح جعلها تقترب لتحتل مقعدها جواره وتسأله بفضول
مالك يا اخوي داخل كدة ومش داري بالدنيا ايه اللي شاغل بالك
التف إليها يزفر بأنفاس متحشرجة قبل أن يجيبها
ابويا فاج يا شربات كل اللي يشوفني من ساعة ما نزلت من العربية يبشرني بالخبر المهم.
امتعضت ملامحها لترفع طرف شفتها بتهكم صريح.
دا على اساس يعني ان احنا هنتنططوا من الفرحة بفوجته ناس فاضية بالها.
رمقها بنظرة غامضة لم تفممها حتى تسائلت بتوجس
اوعى تكون زعلان على فوجته لا يا حبيبي اطمن انا سألت وعرفت ابوك ملوش جومة منها تاني ايام معدودة حتى بعد ما فاج دلوك.
زاد غموضه وقد اعتدل مواجها لها بجذعه
وانتي مين جالك اني زعلان على فوجته ولا خاېف لا يبلط فيها
أمال ايه
صدر استفسارها وقد ازدادت حيرتها من جموده قبل أن يصعقها بقوله.
هو شكله صح بيودع بس طالب يشوفني .
وعلى عكس المتوقع اشرق وجهها وتراقصت الأطماع برأسها لتردف له على الفور تبتغي اقناعه
طب ومستني ايه اطلع على طول يا فايز روح شوفه يمكن يكون ربنا هداه وحس بغلطه جايز يصالحك جبل ما يسيب الدنيا ويفارجنا.
هذه المرة توقف صامتا يطالعها للحظات مرت عليها ببطئ شديد تنتظر الرد منه قبل ان يصعقها بقوله
بس انا مش عايز يا شربات عشان عارف نظرته ليا هتبجى ازاي اخاڤ ليتهمني پتهمة انا بريء منها اخاڤ اخد غضبه على شيء ملياش يد فيه.
ابتلعت ريقها وقد فهمت مقصده لتقترب منه وتربت بيدها على ذراعه بدعم ولكن الشغف بالمال جعلها تحاول بسياستها معه
مدام عارف نفسك زين يا اخوي ميهمكش حتى لو كان يعني ما هو اللي ظلمك الاول لما حرمك من حجك في البيت انت مينفعش تجعد وتستنى أكتر من كدة دي حتى تبجى عيية في حجك دي الناس اللي راحة جاية ع المستشفى اللي هو فيها من ساعة ما اتشاع الخبر انه فاج يبجى انت اللي هتجعد عشان يسألوا ولده فين
اعتلي ثغره ابتسامة مستخفة معقبا على قوله
لا اطمني يا اختي محدش هيسأل هو في حد
طايجني فيها العيلة المخروبة دي عشان يسأل ولا يطمن عليا
عوجت شفتيها على جانب واحد تكظم غيظها من سلبيته المفرطة في التحرك نحو شيء تظن فيه المصلحة حتى تسائلت بيأس
طب وبعدين يعني انت دلوك قررت ايه هتروح تشوفه ولا هتجعد
دارت عينيها في الأجواء الهادئة حولها مشهد النيل من خلف الحاجز الزجاجي الرقي المبالغ فيه لهذا المكان الذي لأول مرة تطئه بقدميها لا تصدق أنها استجابت لإلحاحه كيف لها ان تطيع والدتها وتترجل معهما لماذا أتى من الأصل معهما
أنا عايزة امشي ياما.
هتفت بها تجفل جليلة من شرودها هي الأخرى مستنكرة هذا الأنبهار الذي يعلو قسماتها والتي قطبت حبينها تسألها باستغراب
بسم الله الرحمن الرحيم تمشي فين يا بتي والراجل لسة مجاش بالواد اساسا
احتدت نبرتها في الرد عليها
ما هو انتي السبب ياما مكانش لازم توافجي ابدا على النزلة هنا ولا كنا رضينا بأنه ياخد الواد يفرجه ع المكان هو احنا جاين في ايه ولا ايه بس
حاولت
المرأة امتصاص ڠضبها تخاطبها بمهادنة ولهجة هادئة
يا بتي ما يبجاش عجلك متربس هو احنا عرضنا عليه من الاساس ولا جولنا ما انتي شوفتي بنفسك الراجل هو اللي مكلف نفسه ورابط حاله معانا دا كفاية نزلته المحافظة والمشوار اللي واخده معانا من الصبح انا استحيت يا بتي اكسفه
ولا اجوله سيب الواد تيجي كيف دي بس
ع الاجل كنا جعدنا نستناه في العربية ياما مالنا احنا بالمسخرة دي واماكن الناس الغنية دي.
تمتمت بها تتابع بضجر لتلتف برأسها للأمام وكأنها تحدث نفسها
انا جولت اجعد في بيتي احسن لا اطلع ولا اخش هو انا ناجصة كلام ولا حديت
مساء الخير يا فندم.
القت الفتاة النادلة بالتحية الروتينية قبل أن تفاجئ الاثنان بعدد من الكاسات امتلأت على اخرها بقطع الفاكهة التي امتزجت مع الأطعمة المختلفة حتى بدت كلوحة فنيه تغري كل من يراها.
لكن وفي ظل انبهار جليلة هتفت هي بالفتاة توقفها قبل أن تتحرك
إيه اللي انتي جايباه ده احنا مطلبناش الحاجات دي. 
بس البيه طلب.
رددت بها الفتاة تشير بذقنها نحوه وقد كان اتيا بصحبة معتز تسمرت هي لعدة لحظات ترمق صغيرها الذي كان يمرح بيد المذكور ممسكا بيده عدد من البالونات الطائرة وأشكال العاب مختلفة حتى اذا وصل إليهما ارتفعت رأسها اليه بنظرة تعبر عن احتجاج على وشك البزوغ استطاع منعه من بدايته بقوله
معلش يا جماعة بس انا حالف بيني وبين نفسي ما احط معلجة في حنكي غير بعد اما انتوا تشاركوني العزومة البسيطة دي رغم اني ھموت عليه.
بعد الشړ عليك يا ولدي ليه بتجول كدة
هتفت بها جليلة على الفور بعفوية كادت أن تجلط ابنتها على عكس السعادة التي توغلت بقلبه هو وها قد وجد له حيلة جديدة معها.
وفي مكان اخر.
دلفت جميلة داخل المنزل الجديد والذي تم بناءه على مدار سنوات وها قد اقترب الميعاد المنتظر بالأنتهاء من تشطيبه حتى يعود بعدها الغائب من غربته التي اقتطعت منه أجمل سنوات العمر من أجل الوصول لهدفه
هي دي شجة اخوكي يا خالة جميلة
هتفت من خلفها تجول بأنظارها داخل المنزل بانبهار شديد جعل جميلة تلتف إليها بابتسامة رائقة.
أيوة يا هدير هي دي شجة اخويا هي الأحلى بجى ولا شجة واد خالتك عابدين اللي عايز يتجوزك
شهقت هدير رافعة طرف شفتها باستنكار طريف
عابدين مين ده كمان اللي اتجوزوا هي ناجصة مرض يا خالة جميلة سيبك من سيرة الزفت المخبل ده وخلينا في الفرح الحلو انا سمعاكي بتجولي لامي ان اخوكي جربت رجعته وهتجوزوه على طول اول ما ينزل.
تمتمت جميلة رافعة كفيها للسماء بتضرع
بعد الشړ يا خالتي شالله يا رب يفرحكم بيه عن جريب 
قالتها ثم التمعت عينيها بفضول سائلة
طب انتوا كدة بتدوروا على عروسة ولا هو خاطب من هناك
ردت جميلة بعدم انتباه وهي تخلع عنها جلبابها الأسود 
لتظل بالعباءة البيتية قبل البدء في التنظيف
لا يا ختي لا خاطبين ولا بندور على عروسة لما يجي هو يعدلها ربنا.
كيف يعني دا انتي بنفسك بتجولي العمر سرجه ويدوب تفرحوا بيه يعني حجه عليكم ينزل يلاجي العروسة مستنياه.
ضحكت جميلة تتوقف عما تفعله لتتلاعب بها بتسلية.
لا ما احنا مش ناصحين زيك ولا زي امك يا ست هدير عشان ندورو ع العروسة اللي تستناه.
استقامت الاخيرة لتفرد ظهرها أمامها ثم تردف بلهفة وتفاجأها
وتدوري ليه ولا تتعبي جلبك ما العروسة جدامك اها ولا انا معجبكيش
تسمرت جميلة تطالعها بذهول سرعان ما تحول لضحكة رنانة في قلب الشقة الخالية قبل ان تزجرها ضاحكة
عروسة في عينك اللي تاكي فرسة تفرسك امشي يابت انجري على أي حتة غيري عبايتك عشان نمسحوا الشقة ونروجها امشي .
ركضت هدير امامها تتخفى داخل احدى الغرف باستجابة لمزاحها بعد أن هددتها بعصى المقشة الخشبية لتتمتم من خلفها جميلة
جال تتجوزوا جال دا كان خلف واحدة من عمرك يا مضړوبة الډم.
......يتبع
الفصل الرابع عشر
وإن سألوك عن قلبي
فقل لهم لم أهجره.
ولكني اخترت الإبتعاد بعد الخصام
فالهجر
طريق لا رجعة فيه.
اما الخصام فهو سنة المحبين.
أن تبتعد بمسافة يكن هناك فرصة للعتاب. 
وعتاب الأحباب ما أجمله فهو المقدمة للصلح
بنت_الجنوب
بثقة كاذبة وتحدي احمق كان يخطو قاطعا الردهة في المشفى نحو الغرفة المقصودة امام انظار الشباب اولاد شقيقاته وبعض من رجال العائلة يقابل نظراتهما الڼارية بأخرى غير مبالية ناقلا أبصاره نحو الحاج رحيم الذي بدا جليا انه من يلجم الأولا عن التهجم عليه او الشجار معه.
بعد أن استجاب اخيرا
تم نسخ الرابط